أخبارالسياسة والمقالات

الإكتئاب في قفص الإتهام

بقلم.لميس سعد

إنتشر مؤخرًا علي صفحات التواصل الإجتماعي وعلي صفحات الجرائد الورقية والإلكترونية حادثةً إقشعرت لها أبداننا وهي ذبح أم لأطفالها الصغار وإقدامها علي الإنتحار برمي نفسها تحت عجلات جرارًا زراعيًا..وهنا لربما كانت الأقاويل لتتعدد في سبب إقدام هذه الأم علي قتل أبنائها لولا رسالةً تركتها لزوجها بأن يحتسب أبنائه في الجنة وأن يبدله الله أبناءًا خيرًا منهم وأن يبدله الله زوجةً خيرًا منها..ولربما كانت التساؤلات والهمهمات والإستفسارات كثيرةً بخصوص هذه الرسالة لولا رسالةً صوتيةً من زوج السيدة يشهد الله فيها بأنها خير زوجةٍ وخير أم لأبنائها..وبشهادة الجيران بأنها تعاني منذ فترة إكتئابًا نفسيًا..وبرغم شهادة المجتمع الذي تحيا فيه هذه الأم..فهي أم لأطفالٍ ثلاثة..أحمد 7سنوات..أنس 5سنوات ..والصغيرة سمية شهران..حاصلة علي مؤهلٍ جامعي.. بكالوريوس تربية..بمعني أنها درست الجوانب النفسية والإجتماعية للتربية والتنشئة وكيفية التعامل مع الأطفال ومشكلاتهم وغيرها من صعوباتٍ قد نواجهها نحن كأمهاتٍ في أثناء تربيتنا لأبنائنا..كذلك هي من بيتٍ مقتدرٍ ماليًا..كما يقولون العمودية لهم..بمعني أن الكلمة العليا للحق تخرج من هذا البيت..ولكن إذا نظرنا لرأي المدعي العام والتحقيقات نجد إصابتها بالإكتئاب وكأن من هي مثلها لا يحق لها الإصابة بأي مرضٍ..عافانا الله جميعًا وثبتنا وهدانا.

لو نظرنا لحال هذه الزوجة لوجدنا أنها أتمت وضع إبنتها الصغري منذ شهرين وإنها بشهادة الجيران تعاني من إكتئابًا نفسيًا مؤخرًا..وهو مانسميه إكتئاب مابعد الولادة..فما هو هذا الإكتئاب وماهي أعراضه وهل فعلاً ممكن أن يؤدي إلى ما أقدمت عليه هذه الأم في حق أبنائها؟

إكتئاب مابعد الولادة:

 يحفز ميلاد الطفل مشاعر قوية من الإثارة والمرح إلى الخوف والقلق. ويمكن أن ينتج عنه شيء قد لا تتوقعه، ألا وهو الاكتئاب.

تعاني معظم الأمهات الحديثات من «اكتئاب ما بعد الولادة» للطفل والذي يشتمل في العادة على تقلُّبات في المزاج ونوبات من البكاء والقلق وصعوبة في النوم ،وتبدأ حالات الكآبة النفاسية خلال يومين أو ثلاثة بعد الولادة، وقد تستمر لمدة أسبوعين.لكن بعض الأمهات الجديدات قد يعانين من أشكال من الاكتئاب أكثر حدةً وأطول زمنًا، وتعرف بإكتئاب ما بعد الولادة و بشكل نادر، قد يظهر إضطراب في المزاج بعد ولادة الطفل يسمى ذِهان ما بعد الولادة.

ولا يعد إكتئاب ما بعد الولادة خللًا أو ضعفًا في الشخصية. في بعض الأحيان تكون ببساطة من مضاعفات الولادة،ويمكن علاجه سريعًا. 

ولكن ماهي أعراض إكتئاب مابعد الولادة ؟وهل هي واحدة؟

تختلف علامات وأعراض الاكتئاب بعد الولادة، وهي تتراوح بين الطفيف إلى الشديد.

أولاً:

أعراض الكآبة النفاسية بمرحلةِ ما بعد الولادة:

تستمر لأيام قليلة أو لأسبوع أو إثنين بعد ولادة طفلكِ و ربما تتضمن:

-التقلُّبات المزاجية.

-القلق.

-الحزن.

التهيُّج

-الشعور بالإرهاق.

-البكاء.

-إنخفاض التركيز.

-مشاكل في الشهية.

-صعوبة في النوم .

ثانيًا:

أعراض اكتئابِ ما بعد الولادة:

هي أكثر كثافة من الكآبة النفاسية وتدوم لفترة أطول وقد تتداخل مع قدرة الأم علي العناية بالطفل والقيام بالمهام اليومية الأخري وهذه الأعراض تظهر عادةً

   في غضون الأسابيع القليلة الأولى بعد الولادة، ولكنها قد تبدأ في وقت مبكر، أي أثناء الحمل، أو تظهر في وقت لاحق حتى سنة بعد الولادة.

علامات وأعراض إكتئابِ ما بعد الولادة ربما تتضمن:

-الشعور بالإكتئاب أو التقلُّبات المزاجية الحادة.

-الإفراط في البكاء.

-صعوبة التعلق بطفلكِ.

-الإبتعاد عن العائلة والأصدقاء.

-فقدان الشهية أو تناول المزيد من الطعام بشكل يفوق المعتاد.

-عدم القدرة على النوم (الأرق) أو النوم لفترات طويلة.

-التعب البالغ أو فقدان الطاقة.

-قلة الإهتمام ونقص الإستمتاع بالأنشطة التي كانت تبعث على المتعة.

-التهيُّج الشديد والغضب.

-الخوف من ألا تكوني أمًّا جيدة.

-اليأس.

-أحاسيس انعدام القيمة، أو الخزي، أو الذنب أو العجز.

-انخفاض القدرة على التفكير بوضوح، أو التركيز، أو اتخاذ القرارات.

-التملمُل.

-نوبات القلق أو الهلع الشديدة.

-أفكار إيذاء النفس أو إيذاء الطفل.

-تكرار أفكار الموت أو الانتحار..

وربما يستمر إكتئابُ ما بعد الولادة لعدة أشهر أو لمدة أطول في حالة عدم علاجه.

ثالثًا:

ذهان ما بعد الولادة:

ذهان ما بعد الولادة، هوعبارة عن حالة طبية نادرة تظهر عادةً في الأسبوع الأول بعد الولادة، وتكون علامات وأعراض هذه الحالة حادة.

وقد تتضمَّن العلامات والأعراض ما يلي:

-إضطرابًا وفقدانًا للإحساس بالزمان والمكان.

-أفكارًا وسواسية بشأن الطفل.

-هلوسة وأوهامًا.

-إضطرابات النوم.

-طاقة مفرطة وهياجًا.

البارانويا.

-محاولات لإيذاء نفسك أو طفلك.

وقد يؤدي ذهان ما بعد الولادة إلى أفكار أو سلوكيات مهدِّدة للحياة ويستلزم علاجًا فوريًّا.

عوامل الخطر هنا في أن إكتئاب ما بعد الولادة لا يحدث مع الأم الجديدة فقط بمعني أول مرة تنجب فيها..بل يمكن أن يتطور بعد ولادة أي طفل..ويزداد خطورته إذا كان لديك تاريخ مرضي من الإكتئاب سواء أثناء الحمل أو في أوقات أخري أو كان لديك إضطراب ثنائي القطب..أو عانيت من إكتئاب بعد الولادة السابقة..

هنا ندرك حجم وخطر الإصابة بالإكتئاب عمومًا وإكتئاب مابعد الولادة وهو موضوع مقالنا..فنجد أن إكتئاب مابعد الولادة يصيب الأم وليس شرطًا أن تكون أم لأول مرة.. كذلك من الممكن أن يؤدي إلى التفكير السلبي للقتل أو الإنتحار الناتج عن إحساس الأم بعدم قدرتها علي القيام بالمهام الواجب عليها كأم القيام بها..

وهنا يأتي الجانب النفسي والدعم النفسي الذي تحتاج له الأم وهي الزوجة وهي الأخت..وهنا يأتي دور الأهل والزوج وأيضًا الجيران والأقارب..

إذا كان الجيران يعلمون بإصابتها النفسية وأكيد مع وسائل التواصل الإجتماعي التي أصبحت بالصوت والصورة والڤيديو خلال اليوم أين الدعم النفسي للزوجة هنا..

ونحن بصدد مجتمع ريفي نعلم جيدًا بتقارب الأسر والناس في الريف..والمساعدة والوقوف في الشدائد والمحن.. ومراعاة من يغترب عنها زوجها..فهل تغير المجتمع وتغيرت قيمه ومبادئه وأصبح كل فردًا فيه لايهمه غير نفسه..ونحن قوم رسول الله الذي وصي عن الجار لدرجة أن ظننا بأنه سيرث..

الحياة ليست مالاً فقط فالمال وسيلة وليست غاية بمعني يمكن إستبداله أحيانًا..والمشاعر الحقيقية لا تحتاج للمال ثمنًا لها ولا يستطيع المال شراء راحة البال وسعادة القلب..فكيف تغير المجتمع بأن تغيرت ثقافته وأصابه مثل هذه الحوادث الناجمة عن الإكتئاب بشتي أنواعه وأيًا كانت أسبابه..

وأخيرًا هنا سألت نفسي سؤالاً..نعلم جيدًا أن الإنتحار كبيرة من كبائر الذنوب و توعد الله تعالى من يقدم عليه بالعذاب العظيم وأن من قتل نفسه بشيء في الدنيا : عُذِّب به في الآخرة .وهنا كان السؤال من أقدم علي الإنتحار أو قتل نفسه وهو مصابًا بالإكتئاب هل يحاسب عليه فما كان مني إلا البحث والإستفسار وكانت الإجابة :

ما يصيب المسلم من أمراض عضوية ، كالسرطان ، أو نفسية ، كالإكتئاب ، ولا يستطيع الصبر عليها : لا يبيح له أن يقتل نفسه ، وقد يصاب المسلم بأمراض نفسية أو عضوية فتؤثر في عقله تأثيرًا بالغًا حتى لا يدري ما يقول ولا ما يفعل ، فمثل هذا إن حصل منه قتل لنفسه : فلا يكون مع المذنبين الواقعين في كبيرة الإنتحار ، بل يكون معذورًا؛ وذلك لوجود مانع من موانع التكليف وهو “فَقْدُ العقل” .

  وعليه هنا أن نترحم بأنفسنا وأن نترحم علي غيرنا وأن نسعي للدين الحق المبني علي الرحمة والتراحم ولا نسعي للقولِ فقط بل نرقق قلوبنا ونجعلها نقية طاهرة ونحرص علي مانقول أو نفعل فالكلمة الطيبة صدقة والفعل الطيب سيظل لصاحبه في حسناته ولندرك إحتياجنا جميعًا للرحمة والإحتواء والسند والدعم..

ورسالة لكل زوج..إحتوي زوجتك وأبناءك فالحياة كلها ليس مالاً..نسأل الله الثبات والهداية وأن يرحمها برحمته.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى