منوعات

البحوث 2:دان براون(ترجمة الكاتب عزام حدبا)

البحث عن الصلات من خلال البحث العميق

إحدى مهامك ككاتب تشويق هي التفتيش عن

الصلات بين الأحداث.. شبك الأحداث مع

بعضها البعض بطريقة لا يتوقعها القارىء.. هذا

جزء من المتعة.. عندها سيصرخ القارئ: يا

إلهي، هذا هو سبب حدوث ذلك اذن.. أنت

بالطبع تعرف كل الإجابات عندما تكتبها..

مهمتك هي إخفائها عن القارىء والكشف عنها

بطريقة مشوقة… ككاتب كيف ستجد هذه

الروابط؟ هل ستظهر بطريقة سحرية؟ في

الحقيقة لا.. عليك ان تقوم بالكثير من

الأبحاث. إذا اخترت مئة قطعة من المعلومات

بشكل عشوائي، فستكون لديك إمكانية للعثور

على قطعتين مرتبطتين أكبر بكثير عما إذا

كنت كسولًا واكتفيت بثلاثة قطع، عندما كنت

اكتب قصة “الأصل”، كنت أعرف أن عالم

القصة هو العلم والدين.. نظرية التطور والفن

الحديث. أردت أن يكون لانغدون سمكة خارج

الماء، يستكشف عالما لم يستكشفه من قبل.

وفكرت: من الفنان الذي يمكنني استخدامه

في ربط موضوعات العلم والدين هذه؟ كان

ويليام بليك هو الشخص المثالي. لم أكن

أعرف كيف سأستخدمه. لا تحتاج إلى جميع الإجابات في اليوم الأول من البحوث. فقط حينما تغوص في عملية البحث ستجد الإجابة، غصت في أعمال ويليام بليك وكل كتابات النقاد عنه، اكتشفت كيف يمكنني استخدامه.. ما تبحث عنه قد يكون صغيرا جدا.. يمكن أن يكون سطرا واحد من كتاب من 300 صفحة. لا أريد الادعاء بأنني قرأت كل كتب ويليام بليك وأعرف كل كلمة كتبت عنه. لقد اكتشفت انه كتب قصيدة عن العلم والدين. “الأديان المظلمة تراجعت والعلم الجميل يسود”.. ممتاز. هذا ما كنت ابحث عنه. كلما زاد جهدك في البحوث، كلما كنت محظوظًا عندما تبدأ في البحث عن الصلات وطرق التشبيك.
لا تركز على التننظيم مبكرا
كتابة رواية يمكن أن تكون مربكة. وإذا حاولت معرفة جميع الإجابات في اليوم الأول ستفشل.. سوف تستقيل من هذه المهمة.. ستقول: هذا مستحيل. انا شخصيا عندما ابدأ عملية البحث لا أفكر في البنية والحبكة. لا أحاول معرفة جميع الإجابات. أحاول أن ابحث عن الالهام. أحاول جمع المعلومات وتركها كي تتخمر وتبدأ في الحصول على جاذبيتها الخاصة لتذهب عقب ذلك إلى موقعها المناسب. اتخيل الأمر كما لو أنه سحابة غبار تحوم في الفضاء، هذه الجسيمات المختلفة ستنجذب الى مثيلاتها لتبدأ الكواكب في التكون. وعندما تبدأ في التكون بأشكالها التقريبية، يمكنك البدء في ملؤها: يمكنك البدء في وضع النباتات عليها، المحيطات، الناس حتى تحصل على شيء يعمل بالفعل. لا تحاول أن تفعل كل شيء في اليوم الأول، لأنك سوف تستسلم. لا تحتاج إلى إتقان كامل لموضوعك لبدء رواية، تحتاجه فقط لإنهائها.
ان كانت لا تخدم قصتك لا تستعملها
في مرحلة ما، ستحتاج إلى الجلوس مع بحثك وستقول: ربما أخذت ساعتين من الملاحظات حول هذا الموضوع، لكنني أدرك الآن أنني لست بحاجة إليه. ولا بأس بذلك. كونك تملك المعلومات لا يعني أنه يجب عليك استخدامها بالضرورة. في الواقع، هذا أهم شيء ستفعله ككاتب: معرفة ما يجب تركه. إذا كتبت فصلاً وسألتك: ماذا يحدث إذا أخرجت هذا الفصل من كتابك؟ وقلت:لا شيء. اذن خمن ماذا؟ هذا الفصل لا ينتمي إلى كتابك. يمكنك أن تأخذ وتضعه في ثلاجتك إذا كنت تحب ذلك. انه لا ينتمي إلى كتابك. أنت تقدم قصة.. لنفترض، على سبيل المثال، أنك ستجد هذه المعلومة المذهلة: واو، هناك طائفة كاثوليكية في إشبيلية تسمى الكنيسة البلمارية مثيرة للاهتمام حقًا ولها تاريخ رائع. هذا من شأنه أن يعمل بشكل مثالي في رواية. حسنا. أين؟ كيف؟ هذه هي وظيفتك ككاتب إثارة، كيف تخدم هذه المعلومة قصتي؟ كيف تتصل ببطلي؟ كيف تتصل بالشرير الخاص بي؟ إذا لم يكن لديك إجابة لذلك، فعليك طرد الكنيسة البلمارية. إذا لم تخدم قصتك، فلا يهمني كم هي مثيرة للاهتمام، خذ هذا البحث الذي لا يتناسب مع هذه الرواية وضعه في ملف يسمى “أفكار للمستقبل”. وعندما يحين الوقت لكتابة كتابك القادم، افتح الملف وانظر فيه وقل: هذا صحيح.. لم ينجح هذا الجزء الخاص من البحث في الكتاب الأخير لكن يمكنني أن أبني روايتي التالية حول هذه الفكرة، حول هذا الجزء الخاص من البحث الذي قمت به لكتاب سابق. هذا حدث لي مرارا وتكرارا. عندما أبحث في رواية، ينتهي بي الأمر: لكل 100 قطعة من المعلومات التي أملكها، أستخدم 10 منها. حسنا خمن ماذا؟ ملفي الخاص بـ “أفكار للمستقبل” اصبح ضخما جدا. 90 من هذه القطع تذهب إلى هذا الملف. ويمكنني فقط أن اتصفحها لاحقا وأقول: هذا العنصر هناك الذي لم يعمل في “ملائكة وشياطين” سيعمل في “دافنشي كود”.
كن منصفا بحق رخصتك الابداعية
من الأشياء التي أحب القيام بها في كتبي أن أكون واقعيًا جدًا، على سبيل المثال، شخصيات قصصي خيالية: روبرت لانغدون غير موجود. محادثات هذه الشخصيات لم تحدث أبداً في العالم الحقيقي. لكنهم يعيشون في أماكن حقيقية. إنهم ينظرون إلى وثائق حقيقية. إنهم ينظرون إلى لوحات حقيقية. بالنسبة لي شخصياً، أحب أن أتعلم، لذا أحب كتابة الكتب التي تعلم شيئاً ما. ليس على كل كتاب أن يفعل ذلك. بالنهاية أنت كاتب قصص خيالية. انت حر في كتابة ما تريد. ولكن يجب أن تكون منصفًا حيال ذلك. لا يمكنك الإشارة إلى شيء حقيقي إذا لم يكن كذلك. إذا كنت تريد إنشاء عالما خياليا ووضع رواية فيه، فلا بأس. سيفهم القارئ هذا، هذه قصة بالنهاية. لكن إذا كنت تريد أن تقول أن هذا البروفيسور هو أستاذ في جامعة هارفارد، فعليك ان تصف شكل الحرم الجامعي، أن تحدد المسافة من هذا المبنى إلى ذاك المبنى، هذه هي الطريقة التي أحب القيام بها، ولكن هذه ليست الطريقة الوحيدة للقيام بذلك. عندما كتبت شيفرة دافنشي، كان هناك حمام في متحف اللوفر وكان على لانغدون أن يخرج منه. وكان على الجانب الأيمن من الممر. لقد وضعته على اليسار حتى يتمكن من الخروج من النافذة. بالنسبة لي، هذا معقول. إنه ضمن روح الخيال. لكن كما تعلم، يقرأ الناس الكتب بحرص شديد. هذا شيء يجب أن تعرفه ككاتب. عندما تكتب رواية، فأنت تطير في منطاد الهواء الساخن، وتسلم الجميع بندقية تسمح لهم بالتصويب عليه واسقاطه، سيقول لك القراء اعجبتني القصة ولكن هذه الناحية غير منطقية. لذا يجب أن تكون صارمًا في عالمك منصفًا للقارئ. عندما تحصل على رخصة إبداعية ، تأكد انك لم تخرق شروطها. سيتفهم القراء ذلك. إنهم يقفزون في هذا القطار من أجل الركوب. لا يهتمون إذا كان قطارًا حقيقيًا. وظيفتك فقط هي بناء بنيان متسق ومنصف للقارئ.
لا تحول بحثك الى مماطلة وتسويف
لا بد لي من إعطائك كلمة تحذير بشأن البحث لأنني وقعت في هذا الفخ بنفسي. هناك نقطة يصبح البحث فيها مماطلة وتسويفا. في المرة الرابعة التي تتجول فيها حول غوغنهايم دون كتابة صفحة، خمن ماذا؟ أنت الآن سائح، لست كاتبًا. لذا من المهم أن تفهم أنه، نعم، تحتاج إلى البحث، وتحتاج إلى جمع المعلومات، ولكنك تحتاج أيضًا إلى كتابة قصة. سوف يأتي وقت تقول فيه: أعرف ما يكفي لبدء هذه العملية. قد تكون في خضم كتابة فصل وتصل إلى لحظة تقول فيها: حسنًا، لا أعرف حقًا كيف تبدو هذه الغرفة في غوغنهايم، لذلك أعتقد أنني لا أستطيع الكتابة بعد الآن. أعتقد أنني يجب أن أذهب لإجراء المزيد من البحوث. خطأ. سأخبرك ماذا أفعل. أقول: حسنًا ، بغض النظر عن شكل الغرفة، ربما سأقضي حوالي فقرتين لوصفها. واضع علامات x في مسودتي، لحجز المساحة فقط حتى لا انسى ان هناك شيئًا ناقصا. ثم أستمر.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى