أدب وثقافه

سمراء علي رمل أبيض

قصة قصيره

دكتور إيهاب محمد زايد -مصر

في بداية التسعينات إحتفل بتخرجه من الجامعه بتقدير متعارف عليه بين زملاءه بأنه تقدير شعبي يطلق عليه القبول أو مقبول وكانت أمنية ولاده بأن يصبح مهندسا لكن قراءة ولاده في الثالثة صباحا للصحف جعلت عنده شغف للحديث بالسياسه. كان قرناءه يطلقون عليه مثقفا من كثرة قراءته المتواليه وشغفه للحروف رغم أن تخصصه الهندسي يسقط المعلومات في قوالب حدث ولم يحدث معلومة صحيحه وأخري خاطئه. إلا إن قراءته حجزته من التطرف وأصبغته بشيئ من الحوار. لكنه يختلف كثيرا ربما لهذه الشهوه في أن يصبح كلامه صحيحا وأن عبارات الحكمه هي هيلاميه كلامي صحيح يعني منطقي صحيح.وأن تأويل كلامي صحيح يحتمل الخطأ هي للتجميل فهو يري في نفسه سيد الحوار الذي لا ينهزم. جعله هذا وحيدا منعزلا كثيرا من بعض الشيئ. حضر مع زملاءه حفل التخرج وتسلم دفترا صغيرا مقصوصا من تحته ومن فوقه إلا إن بعض الدبابيس تمسكه من البعثرة علي أرصفة الإهمال مكتوب فيها عنوان زملاءه وصور مشوهه ذات الأبيض الباهت والسواد الداغش. تسلم دفتر الذكريا وأخذ يخطط ماذا سيفعل ؟ هذه الأيام يحدث نفسه بها فلم يعد مجدي هذا المصروف من الأب وبعض المنح من الأم بظل هذه الطلبات المستعصيه من ملبس وبعض من لوازم تنعيم الشعر ونظارة الشمس التي تحجب نور العيون وتفاعلها في لقاء ود أو خصام منتظر. أخذ يبحث في الصحف وفي المنصات وكل ما تطرقت إليه يده أو وقعت عليه عينيه ذو النين الأخضر وكأنها من الجنه هاتين العينين لكن الإيمان بهما أضعاف بالنار تلاقيهما. إستمر بالبحث حتي دخل عليه أبوه وهو منهمك في البحث علي أشده وكأنه غريق في بحر من السحب.

– الأب يابشمهندس ماذا تفعل؟

– الأبن أبحث عن مستقبلي

– الأب وهل وجدت شيئا؟

– الأبن سأجد إن شاء الله

– الأب وهل أرشدك؟

– الأبن ولما عندما أحتاج شيئا سأطلب منك

– الأب هناك مشروعا جديدا يطلب مهندسين

– الأبن مازال أمامي كشف الجيش

– الأب الرمال البيضاء إسم المشروع

لم يعبأ هذا المهندس بكلام أبيه وغسله من عقله كما تغسلنا الأمطار من الأحزان، وكما يصبحنا الفجر بالأمان. إلا إن حلمه لم يقف. أخذ التعب يشق الطريق إلي أعضاءه رغما عن هذا الإيمان بقدراته وعقله. وهو يناشد حيويته أن ترجع إليه لكنها مستعصية من غبار التعب فالأرض إشتدت جاذبيتها إلي النوم. استسلم إلي الخلود في أواني من الحلم من هذا النوم الذي يدبدب الخطي ويعلن أنه هنا الملك والسلطان بأثناء هذا تغمض عينيه عن هذا الحاضر المملوء بالأمنيات علي حافة الوهم. يتعمق بالنوم يشعر بالبروده يلملم الغطاء بشده ويغطي وجوه تري ماذا سيري بعد إنقطاعه عنرؤية الحياه. يزداد مسرح عينه غموضا ويتكثف اللون الأسود وفجأة تزداد الإضاءه ويعلو الوهج يري هذه السمراء يرمقها بالحماسه ويغلي ماؤه ويضضبط زاوية رمشه ليري هذه الرمال البيضاء تحتها. يغلبه عليه ما تعلم في الواقع ينشد نحو الرمال ويقترب إلي السمراء شيئا فشيئا وعندما يقترب شهيقهما ويحسان برائحة هذا الزفير الذي يطهرهما من أثار الحاجه يقبض من الرمال بكف يده ثثم يفترشها كما فراشة الأفراح ببهجة وترحاب. ينادي من بعيد في أعماقه هذه صناعه وإستثمار. يحدق في السمراء ويخبرها هذا جالب للعمار ينتفض من حروفه الحاسمه ويستشرف فجر هذه الليالي التي قبعت علي صدره يصطحب تاسمراء ويناديها يارفيقة دربي أنت عمري. لم تجيبه هذه السمراء وتنظر إلي ارجلها وهي حزينة بعضض الشيئ وكأنها تنبأه بخراب يحل عليها من أثثثر هذه الرمال كانت تنبأه بأنه من الصعب أن يحقق حلمه. كان إصراره أقوي من شعور السمراء. أيقظه ضجيج بالمنزل قام من نومه وكأنه عمره ضاع جراء هذه اليقظه المؤلمه لعينيه. تأهب أوصل السلك الأسمر بالحاسب وأدار الكهرباء فيه وأخذ يستعجل الحاسب أن يندفع نحو هدفه يبحث عن تاريخ هذه الرمال وخفقان قلبه وحماسته لهذه السمراء. فتح محرك البحث علي حاسبه كما نال من يديه سؤال يكتبه تاريخ الرمال البيضاء. وجد هذه الأرض المقدسة أرض الزيتون وفيروز القمر وهذا البدو الذي يحيطها من كل جانب. وجد رجل ضخما أنشأ فيها فكرة ووضع حجرا للأساس بنفس أعوام تخرجه من كليته العمليه. أخذ يمسك سحاب الحاسب يدخل يديه في دهاليز الروابط وكأنه يعيد أدام إلي الجنه وهذه الأشجار وعالم الفراشات علي الأزهار بلوحة فنان تشكيلي عظيم وخرير الماء علي جدوله بين الجبال يتدفق جراء هذه المعلومات والمعرفه. قرر أن يصبح هذا مشروع عمره حتي يتزوج السمراء. كانت هذه الحمسه كموج بحر غضبان من التأخير والاهمال مارس طقوس الصباح الحمام المزدحم من العائله ثم الفطور وقبله ركعتين بالصباح. كان يتجه إلي هذا الرجم الضخم عرف عنوانه وتحول إلي مقابلته كتحويلة القطار ليسلك طريقه وأخذ يركب وسائله المختلفه إستغرقت الرحله أكثر من عشر سنوات وعندما وصل إلي الرجل الضخم وجده تنحي عن دوره وأهملت الأيام هذه الرمال الكنز. جلس كجلسة موسي إلي البئر لكنه قال ماذا أفعل ياالله كانت لحظات خشوع ومنجاه. فحلم عمره الرمال وسمراء أرض الفيروز. أخذ يدور برأسه لحن هذا الحلم أساس للحاسب ووادي عميق بالصناعه وتنافس جديد للصادراتوالأهم تكوين سوق لصناعة الإتصال يفترش الأرض ويوسع المهن وتقل بطالة العمر.وتنسف فكرة المخدرات لإنشغالنا بالعمل. وبين هو يفكك مفردات حلمه وينعش أماله ويستجلب عناصر جسده يترأي إليه صديقه في السلطه علي صفائح عقله فتولدت الفكره أن يذهب إليه فهو بالأساس رجل علم. إنتفض واقفا مدفوعايهرول تذكر تراب الأرض أخذ ينفضه ويردد معذرة أيها الشرف فأنا أتجه لحلم العزة والمجد وكلكم زرع هذه الأرض وحصادها كالنخيل العالي يملك ألوانا مختلفه لنفس الثمره ولنفس الحب والعطاء. صعد درجات السلم مع أنفاسه صعودا شاقا تذكر أنها سنوات مرت علي تخرجهما فتسأل في خشية هل يتذكرني؟ هل يؤمن بتجديد الحلم؟ وهل يدفعني؟ بينما يسأل وصل إلي المصعد وجد طابورا أكثر هدواءا من طوابير السلع المستهلكة. يحدق ويقطب ويتلون وجهه علي إستعجال من أمره ليلحق بهذا الحلم الذي مرت سنوات وهذه السمراء التي تدب الحماس في أرجاءه وتبعث بشمسها إلي بستانه تخترق السحب ولا تبالي بالعوازل. جاء دوره في الصعود.كان قد أختنق من عدد الصاعدينوتسأل في دهشه حلمه كل هؤلاء أصحاب حلم مثلي كل هؤلاء يريدون المجد والعزه. كل هؤلاء لديهم محبوبة علي أرض الفيروز. ثم علي صوته

– المهندس هو الدكتور عين في الدور رقم كام الثاني عشر أم السادس؟

– عامل المصعد لقد أنتقل إلي الدور الرابع عشر.

إبتسم كالربيع فرحا ونال راحة كبري وهو يقول إذا فقد عليت مكانته.يستمر الصعود شيئا فشيئا ويقف في الادوار المختلفه وهو يختلط المشاعر المصعد كالقطار لديهم محطات للصعود والهبوط وفيهما حياة وحركه إلا أسوء شيئ فيهما هو أنهم ينقلون الروتين والمحسوبيه لكل دور وكل مكان وهو ما يجعل منهما وسلة لتدمير البشر نفسه وبنفسه. تحرك لوحة المصعد نحو الدور الرابع عشر يتأهب للنزول ثم في شجاعه يسأل عامل المصعد

– المهندس من هؤلاء الصاعدون؟

– عامل المصعد الموظفين يابيه

– وأين أصحاب المصالح عندما يزدحم المصعد بالموظفين؟

فتح باب المصعد وجد مفترق من الطرق يمينا ويسارا إختار اليمين للبركة لكنه لم يحصل علي هدفه ووجد زميله في الجانب الأيسر لا فته مكتوب عليها الاسم من لون ذهبي لكنها مصنوعه من النحاس وتسأل إنه يحصد الذهب أم بصنع الذهب ويتاجر فيه؟ دق الباب وهو يرتجف من خشية اللقاء فقد مرات عشرات السنين ولم يلتقيا

– المهندس : هذا مكتب دكتور عين؟ ثم يعقب لما هذا الجيش من السكرتاريه؟

– إحداهن من السكرتاريه: نعم وتتلو سؤال أخر من أنت

– المهندس: صديقه ثم يتلجلج زميله ثم يتردد معرفه من زمان

كانت السكرتيره ترمقه وتقلبه بميزان عينيها الخضرواتين ذات الرموش الطويله والقدم الممشوق لكنه لايري إلا تلك السمراء علي رمال الفيروز

– السكرتاريه هل يوجد ميعاد؟

– المهندس لا من فضلك أخبريه بإسمي أدخل أو أعود إلي حيث أتيت

– السكرتاريه إتفضل إجلس يا أستاذ

– المهندس من فضلك أنا مهندس ولست أستاذا

– – السكرتاريه تفرق يعني؟

– نعم أنا مصنع ولست مربي للأجيال لقد إنهار كل شيئ عندما تدوالنا الكلمه كالسم الذي يسري والمرض الخبيث الذي ينتشر لا يصلح كل كائن أن يصبح معلما للأجيال

– السكرتيره اتفضل أجلس ياباشمهندس وهي منفرجة الثغر تهز رأسها بالعجب

أخيرا خرجت تطل كالأمل في نهاره يرها كشمس الصباح تبتسم ولكنها رمته بالرصاص

السكرتاريه من فضلك الدكتور وقته ثمين ولايريد إهدارا للوقت فإدخل في الموضوع مباشرة

كان يحرك يده وقدميه بصعوبه فقد أصابهما خيبة الأمل قبل أن يطرح قضيته. وجده تغير ووجد نفسه تغير بعد صعود أربعة عشر دورا في يوم واحد.

– المهندس يادكتور الرمال البيضاء

– الدكتور لدينا شركات لها

– المهندس لم يفعلو شيئا منذ التسعينات

– الدكتور من قال هذا؟

– أعلم هذا فأنا متابع

– الدكتور وهم

إستمر الحوار دون جدوي وقال لنفسه مرة أخري أتحطم. إنتهي الحوار كما تنتهي روحه وقرر أن ينزل علي السلم إعتراضا علي الوضع. وبينما هو يتنفس مع درجات السلم كان يخبئ أمالا تتجدد وفي الدرجة الأخيره وجد الناس يملؤن الشارع ويموجون فيه وأخذ يستعلم مالذي حدث ووصل أن حال بلاده كله تغير من خلال إجبارا أخر علي التنحي من ثورة شعب. ماج مع الناس وحمل الأعلام وهتف بكل قلبه إلي أن وصل إلي ضابط يحرسهم حكي له حلمه تبني قضيته وأنشأ شركات. ووفر له مسكنا علي أرض الفيروز. أخذ يبحث عن السمراء بعد أن صنع الرمال فوجدها تزوجت وأنجبت بدوي وفلاح ومهندس وأستاذا قطف نظرات وتأملها شبعت روحه منها لم يكن يعلم أن الضابط الذي تبني قضيته هو أبنها. بينما هو كذلك كان أذان العصر لعصرها القادم بعدما تألفوا جميعا من أجلها. فأصبح هناك بكل وادي وادي فوادي للتمور ووادي للسيلكون وكان هذا العمار. كان زميله قد أرتقي الدور السادس عشر أرسل إليه ونزل علي باب المبني ليستقبله تشريفا صعد به وكرمه وساما إستحقاقيا همس بإذنه هذا من السمراء علي الرمال البيضاء أرض الفيروز.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى