أخبارالسياسة والمقالات

لقاء مع الكاتب والسيناريست علي عبدالقوي الغلبان. /حاورته د. أمل درويش.

•كل إنسان يحمل نور الله بداخله.
• الوباء هو أزمة توضح العلاقات الإنسانية.
• دخول الإعلانات في الأعمال الفنية أصبح المتحكم في اختيار الفنان.

قضيته الأولى والأخيرة هي الإنسان..
بهمومه ومعاناته وهزائمه وانتصاراته بعد انكساراته..
يغوص في أعماق هذه النفس البشرية ويلتقط لآلئ الأفكار.. ينتقي الخصال الطيبة النقية ويرعاها لتنمو وتزدهر في أعماله، وينفي بواطن العطب ويجتثها ليعيد ترتيب الروح الساكنة ويحيي فيها الفضيلة والأمانة.
تناول العديد من القضايا التي تمس أدق تفاصيل المجتمع بجهد حثيث إيمانًا منه بأن الفن ليس فقط مرآة الشعوب؛ بل إنه يحاول إيجاد الحلول لمشكلات تستوطن هذه الشعوب وتستهلكها وتستنزف مستقبلها الواعد.
تعامل مع كبار الفنانين من جيل العمالقة وحتى الجيل الحالي، فعبر مسيرة سنوات طويلة قدم أعمالًا لا تنسى شارك فيها فنانين عظام مثل الفنان شكري سرحان والفنان كمال الشناوي والفنانة سميحة أيوب والفنانة معالي زايد والفنانة سهير البابلي والفنان محمود ياسين.
من خلال العديد من المسلسلات والمسرحيات والسهرات التليفزيونية مثل:
وعد ومش مكتوب، أولاد حضرة الناظر، عدل الأيام، طرح البشر، حرث الدنيا ، زهرة في حضن الجبل، وآخر أعماله مسلسل قلب حبيبة للفنانة سهير البابلي..
إنه الكاتب والسيناريست الأستاذ علي عبد القوي الغلبان.

*لكل كاتب قضية وهموم يحاول طرحها في أعماله.. ما هي قضيتكم ؟

لكل كاتب قضية.. له ما يشغله، له ما يعنيه، له ما يعن عليه.. ما يطارد فكره وإبداعه..
وقضيتي أنا كمؤلف هي الإنسان بكل أبعاده، الإنسان المعاصر، المغترب في هذه الأيام..
الإنسان في حالة غربة وعزلة قد تكون راجعة لتراكمات عبر عشرات السنين..
أبحث عن حريته، عن تطلعاته وأحلامه، وما يسيئ له وما يعذبه..
الإنسان هو ظل الله في الأرض، هو قبس من روح الله..
كل إنسان يحمل جزءًا من نور الله بداخله..
إما أن يحافظ على هذا النور حتى يعود النور الأصغر للنور الأكبر، أو يطمسه فيعود إلى الله فيحاسبه..
قضيتي هي جيلي، فالأجيال السابقة تعلمت منها ولكني لم أعاصرها..
بينما الأجيال اللاحقة لن أراها..
جيلي هو المحور الأساسي في حياتي.. الإنسان في كل مكان وبكل شكل ولون ودين..
ويبقى الوطن هو الذي يشمل هذا الإنسان ويظلله، وتنتقل القضية من الجزء إلى الكل.
ويصير الحلم الخاص حلمًا عامًا.

*هل توافق على تدخلات المخرج في تغيير السيناريو؟

نحن جيل تربينا على الاحترام، المؤلف يحترم المخرج، والمخرج يحترم المؤلف، يحترم كل واحد دور الآخر، وتخصصه..
فالمخرج يطلب ما يريده في مرحلة الكتابة، ولكن عند التصوير يلتزم كل واحد بعمله..
قد يحتاج الأمر تغيير جملة أو كلمة لا أكثر فيتم ذلك بهدوء دون أية مشكلات.
ولذلك أخرج جيلنا فنًا جيدًا..
أما الآن فالممثل يتدخل والمخرج يتدخل ويعدل ويضيف بسبب ضعف النصوص المقدمة.
لا يوجد هدف ولا فكر..
ولذلك تظهر أعمال دون مضمون، وتحمل العديد من الرؤى ولا تترك بصمة أو أثرا إلا عدد قليل جدًا من الأعمال الجيدة.

*أدب الأوبئة.. قدمت من خلاله العديد من الأعمال السابقة مثل الحب في زمن الكوليرا، و الطاعون.. هل سنجد في الفترة القادمة أعمالًا تتحدث عن الفترة التي نعيشها الآن؟

الوباء حالة آتية من الخارج، حالة مفاجئة كالزلزال أو البركان..
كارثة تهدد عدة دول أو العالم بأسره كما حدث مؤخرًا..
أدب الأوبئة موجود فعندما كتب ألبير كامو رواية الطاعون كتب ليعبر عن مرحلة من مراحل الوباء الذي أصاب العالم وقتها، وحصل على جائزة نوبل.
الوباء هو أزمة توضح العلاقات الإنسانية، الإمكانيات في الدول المتقدمة وتوضح مدى المعاناة في الدول الفقيرة..
حالة إنسانية متلاحمة تتضح فيها تضحيات جزء من المجتمع من أجل مساعدة الكل، كذلك ترابط العلاقات الأسرية..
العلاقة بين المصاب والسليم..
وما زلنا في داخل الدوامة والأزمة ولكنها ستفرز أدبًا سيظهر ربما بعد عامين أو ثلاثة أو حتى عشرة عندما يستوعب العالم هذه الأزمة ويهضمها لتنصهر في عقله ثم تفرز في هيئة شعر أو روايات تظهر كمسرحيات أو مسلسلات..
الفوضى والفراغ العالمي الذي حدث للشوارع والأماكن العامة من كل الرواد لم يكن يتصوره أحد، مهما وصلت عبقريته.
بل أصبح ضرورة ملحة..
لأول مرة تتوقف الحضارة وتتجمد ما عدا الطب، الذي أصبح حائط الصد.
رأينا الكثير من المآسي كأن يرفض الإبن استلام جثمان والده المتوفي بالمرض أو يرفض تسلم جثمان والدته، كما شاهدنا الجثث تنقل في شاحنات..
العالم كان يهرول جزعًا يخشى الموت..
تأثير قوي يضاهي بل يفوق ما خلفته الحرب العالمية.

*في ظل الميزانيات الضخمة التي باتت تقدم للأعمال الدرامية، ما زالت أجور الكتاب تعاني التهميش.. لماذا ؟

يظل المؤلف الحلقة الأضعف في العمل الفني من حيث الأجر؛ لأن ما يقدم ليس فنًا، وبالتالي أي أجر يأخذه لا يعترض عليه، لأنه ليس موهوبًا، ولم يتعب في الكتابة.
دخول الإعلانات في الأعمال الفنية أصبح المتحكم في اختيار الفنان الذي ينال أعلى مشاهدات في قمة العمل، ويحدد سعره تبعًا لدخل الإعلانات المدفوعة.
على الرغم من وجود فنانين عباقرة، ولكنهم لا يجذبوا هذه الإعلانات..
وبجانب هذا النجم لا قيمة للإخراج، لا قيمة للتأليف، لا قيمة لباقي العناصر الفنية الأخرى..
والآن تقام الورش التي تستغل الشباب المبتدئين ليكتبوا النصوص والمشرف عليهم هو المستفيد الأكبر..
ولك أن تتخيل كيف سيكون إنتاجهم؟

*هل تتوقع ظهور نجيب محفوظ جديد وتوفيق الحكيم جديد وغيرهم من عظماء الأدب؟

إنتاج الشباب الأدبي مرتبط بالمرحلة التي نعيشها..
وأرى أن مشكلتهم الأساسية تكمن أنهم تسلموا الراية من جيل عملاق، نجيب محفوظ، يوسف إدريس، عبدالرحمن الشرقاوي، طه حسين وغيرهم من العمالقة في كل مجالات الأدب والفن..
فمثلا في مجال التمثيل أحمد زكي شكل طفرة في مجال التمثيل بموهبته واندماجه، فلذلك أرى الجيل الحالي مظلوم..
بالإضافة إلى تحجيم الثقافة، بانتهاء الكتاتيب، وانتهاء تحفيظ القرآن، التخصص والبحث عن الشهرة والمال بكل الطرق.
على الرغم من وجود بعض المواهب الجادة لكن حجم الثقافة لديها ضعيف، فمثلًا جريدة الأهرام سابقًا كان يكتب فيها عمالقة الأدب، أما الآن فمن يكتب فيها؟؟
القارئ مظلوم، ولا يملك الثقافة الكافية، ومع ذلك يتعجل الشهرة، ولا يبحث أو يقرأ..
فمثلاً كنا نقرأ لكل الكتاب الكبار المصريين والعالميين لنؤسس قاعدة لنا نبدأ بعدها في الكتابة بأسلوبنا..
الآن لا يمكن أن نقارن أحدًا من الموجودين بنجيب محفوظ أو بأسامة أنو عكاشة، أو وحيد حامد..
الآن لا يوجد الكاتب الموسوعي الذي يمكن مناقشته في أي موضوع..

ولكن أود أن أنوه أنني لاحظت في الفترة الأخيرة الاهتمام بالشعر من خلال متابعتي لبعض المسابقات والندوات الشعرية التي تقدم على الفضائيات..
تقدم عن الرواية والسيناريو والحوار.
رغم أنهم تسلموا الشعر من جيل عمالقة مثل نزار قباني، أمل دنقل، الأبنودي، مظفر النواب، وغيرهم..
الأرض العربية ولادة، قد تمر بهزات.. لكنها لا تنضب أبدًا..

ربما تحتوي الصورة على: ‏‏شخص واحد‏، ‏‏لقطة قريبة‏‏‏
ربما تحتوي الصورة على: ‏‏شخص واحد‏، ‏‏لقطة قريبة‏‏‏

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى