ليبيا تبدأ مرحلة الحوار المهيكل السياسي وسط آمال بإرساء الاستقرار

صفاء مصطفى الكنانة نيوز
دخلت ليبيا رسمياً مرحلة جديدة في مسارها السياسي، بعدما أعلن الأطراف السياسية والشخصيات الوطنية البارزة انطلاق “الحوار المهيكل” الذي يهدف إلى توحيد المؤسسات وتعزيز الاستقرار في البلاد بعد سنوات من الانقسام والصراع. هذه المرحلة، التي ينظمها مكتب الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، تحمل في طياتها طموحات كبيرة لإعادة بناء مؤسسات الدولة وتوفير بيئة سياسية أكثر شفافية وفعالية.
وتأتي هذه الخطوة بعد سلسلة من المحاولات السابقة لتقريب وجهات النظر بين مختلف الأطراف، والتي كانت غالباً تواجه عقبات مرتبطة بالاختلافات الإقليمية والسياسية، إضافة إلى التحديات الأمنية والاقتصادية. وقد أكد مسؤولون ليبيون وأعضاء في بعثة الأمم المتحدة أن المرحلة الجديدة ستوفر منصة موحدة للحوار بعيداً عن الخلافات الجانبية، مع التركيز على القضايا الأساسية مثل الانتخابات، الدستور، وإصلاح المؤسسات السيادية.
وقال مصدر دبلوماسي مطلع على سير الحوار إن “المرحلة المهيكلة تهدف إلى خلق أرضية مشتركة بين جميع الأطراف الليبية، بحيث يمكن اعتماد جدول زمني واضح للانتخابات وتشكيل حكومة وحدة وطنية تلتزم بخدمة المواطنين دون الانحياز لأي طرف سياسي”. وأضاف أن المجتمع الدولي، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية، يراقبون هذه الخطوة عن كثب، ويأملون في أن تكون بداية لإعادة بناء الثقة بين مختلف المؤسسات والأطراف السياسية.
وقد شهدت الأيام الأولى من الحوار اجتماعات تمهيدية بين ممثلين عن الحكومة المعترف بها دولياً وبرلمان طبرق، إضافة إلى شخصيات مستقلة من المجتمع المدني، حيث تم الاتفاق على قواعد وضوابط تضمن مشاركة متساوية وشفافية كاملة في اتخاذ القرارات. كما ركز المشاركون على ضرورة حل النزاعات القائمة بين الأقاليم المختلفة وإعادة توزيع الموارد بشكل عادل لضمان الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي.
ويشير خبراء إلى أن نجاح هذه المرحلة يتوقف على قدرة الأطراف الليبية على الالتزام بالخطوط العريضة المتفق عليها، والابتعاد عن أي محاولات لإعاقة الحوار لأسباب سياسية أو شخصية. كما أن الضغوط الدولية والإقليمية قد تلعب دوراً مزدوجاً، بين دعم مسار الحوار وتعقيد بعض الملفات الشائكة، مثل ملف الانتخابات الرئاسية والبرلمانية والمصالحة الوطنية.
في المقابل، أعرب المواطنون الليبيون عن تفاؤل حذر حيال هذه الخطوة، حيث يأملون أن تكون المرحلة الجديدة بداية حقيقية لإنهاء الانقسامات الطويلة التي أثرت على حياتهم اليومية. وتؤكد تقارير محلية أن هناك إقبالاً متزايداً على متابعة مستجدات الحوار عبر وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، في وقت بات فيه المواطنون أكثر وعياً بأهمية المشاركة في بناء الدولة واستقرارها.
ومع انطلاق “الحوار المهيكل”، تركز الأعين على النتائج العملية التي يمكن تحقيقها خلال الأشهر المقبلة، بدءاً من تشكيل حكومة وحدة وطنية، ووضع جدول انتخابي واضح، وصولاً إلى إصلاح المؤسسات السيادية، وهو ما قد يفتح الباب أمام ليبيا للعودة تدريجياً إلى الساحة الدولية بثقة أكبر.
هذا المسار الجديد في ليبيا يعكس إدراك جميع الأطراف بأن الحل السياسي الشامل هو الطريق الوحيد لتجاوز سنوات الانقسام والصراع، وأن نجاح المرحلة الحالية قد يكون مفتاحاً لإعادة بناء دولة مستقرة وديمقراطية تلبي تطلعات شعبها.



