أخبارالسياسة والمقالات

مأساةُ الفِراق   بقلم . إسراء الأسمر

مأساةُ الفِراق   بقلم . إسراء الأسمر

عَن القوّة التي تشدُّ بها حبيبكَ نحوكَ حين تعلمُ أنَّ هذا العِناقّ هو الأخيرُ بينكُما… اللَّمسات الأخيرةُ للعُنق والشَّعر والوجهِ التي تُحاول بها أن تجعلَ يدَك تحفظُ هذا الشعورَ الذي لطالما كان السّبب في بقاء الأمان بداخلك على قيد الحياة، عَن المَرّة الأخيرة التي تَتَعانق بها أنفاسُكُما بعد أنْ أقسمت في عناقها الأوَّل أنها لن تخرج منكُما إذا افترقتُما، عن مأساةِ الفِراق… عن الأذيّة التي يُشوِّه الرّوحَ بها إلى الأبدِ دون أن يَكترث!

تودُّ لو أنَّك تَستطيعُ أن تُدخله الى قفصِكَ الصدريّ وتُغلق عليه داخلكَ سجينًا آخرًا بجانب قلبكَ المثقوبِ برصاصِ الخذلان المُتتالي، تَبحث وَقتها في حضرة هذا الموقف داخِلَ لُغتك -في المعاجمِ والقواميسِ، في الكُتب والرِّوايات، في كلِّ ما سبقَ وقرأتهُ- عن كلمات تُسعفُك في هذه اللحظات الأخيرة كي تَنطُق بها أمامه علّه يُشفق على روحِك المنكوبة ولا يرحل…

لكِنَّ وحشَ الإنكسار الذي يُهاجمكَ حينها، يُغلق فمَكَ بإحكامٍ ويُبقيكَ أبكَمًا أمامَ وهلةِ الفِراق، ذلك الشُّعور الذي يُعجزك، فلا أنتَ قادرٌ على التَّنفس بين الشَّهقة والأُخرى وسطَ دموعِكَ التي تُغشّي بصركَ من غزارتها، ولا أنتَ قادرٌ على النُّطق لِتنقذ قلبك… فتُفلتُ يدهُ ببُطءٍ حتّى آخر إصبعٍ بعد نفسٍ عميق وغَمامةٍ ثقيلةٍ على صدرك، وتبتعِد عنهُ بجسدك… ويبقى أثَرُهُ مطبوعًا في قلبكَ إلى الأبد، مُحمَّلاً بضجيجِ أفكاركَ التي تَصرُخ في وجهِ بعضِها البَعضِ في رأسكَ الثَّقيل: “أن رُبَّما أنت تَخلّيت… أو رُبَّما هو… أن لو أرادكَ حقًّا ولو كان صادِقًا لَبَقِي…”.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى