أدب وثقافه

مقال   قراءة في سكندريات الفنان التشكيلي د . خالد هنو

بقلم /سميرلوبه

 تُعد الإسكندريةُ بتفردِها وتميزِها معشوقةُ المبدعين ومصدرُ إلهامٍ لا ينضبُ أبداً ، فقد أخذت ألبابَهم وملأت وجدانَهم فاستفزت بروحِها الفريدةِ إبداعَهم في فنِ الكلمةِ وفنِ الصورةِ ، والأسماءُ عديدةٌ لا حصرَ لها ومن هذا المنطلقِ نقدمُ قراءةً في سكندرياتِ أحدِ أعلامِ مصرَ في الفنِ التشكيلي عامةً وفي الإسكندريةِ خاصةً الفنان الدكتور ” خالد هنو ” 

في العامِ 1990 قصرُ ثقافةِ الحريةِ ( الإبداع حالياً ) شارع فؤاد أعرقُ شوارعِ الإسكندريةِ قاعةُ ” الأخوين وانلي ” افتتح الدكتورُ ” محمد شاكر ” المعرضَ الأولَ للفنانِ التشكيلي ” خالد هنو” ليشهدَ قصرُ ثقافةِ الحريةِ بزوغَ نجمِ أحدِ أبنائه ، والذي بدأ رحلتَه مع الفنِ التشكيلي بينَ أروقتِه هاوياً ؛ ومن ثَمَّ انطلقت موهبتُه الفذةُ ليصقلَها بالدراسةِ الأكاديميةِ ، حيث التحق بكليةِ الفنونِ الجميلةِ ” قسم التصوير” ، وقد تتلمذ على يدِ أساتذةِ القسمِ وأبرزُهم الأستاذُ الدكتور” أحمد خليل و حامد عويس و حسين بكار و فؤاد تاج و محمد القباني و محمد شاكر ” والذي افتتح له معرضَه الأولَ ، وعودٌ لبدءٍ فقد كان المعرضُ الأولُ لــ ” خالد هنو ” علامةً فارقةً أنبأت ببزوغِ نجمٍ ساطعٍ في سماءِ الفنِ التشكيلي ، حيث استوحى في كلِ لوحاتِه الفنَ الإغريقي السكندري من المتحفِ اليوناني الروماني ، ومزجه بالفنِ المصري القديمِ ، وإن غلب على اللوحاتِ الطابعُ الإغريقي فظهرت بصمةُ ” هنو ” الفنيةُ منذ معرضِه الأولِ ، والذي جمع فيه بينَ التاريخِ اليوناني الروماني والمصري القديمِ مع الحياةِ الشعبيةِ في الإسكندريةِ ، وقد ظهر جلياً في كلِ لوحاتِه عشقُه الجارفُ لمعشوقتِه – الإسكندرية – والذي تمثل في مخزونِه العاطفي تجاه الإسكندريةِ ، ويُعدُّ هذا المعرضُ من البداياتِ القويةِ التي ساعدت في بزوغِ نجمِ عاشقِ الإسكندريةِ الفنانِ التشكيلي دكتور خالد هنو .. اتبع ” هنو ” تقنيةً في لوحاتِه باستخدامِ الألوانِ الزيتيةِ على التوالِ وعلى الخشبِ ، وقد وظَّف “هنو” الألوانَ الزيتيةِ لخدمةِ فكرةِ معرضِه الأولِ ، فقد كان المعرضُ يحملُ فكراً لا صنعةً ، وجديرٌ بالذكرِ أن نوضحَ غلبةَ الألوانِ الباردةِ مثل اللونِ الأزرقِ بدرجاتِه مع الأبيضِ بدرجاتِه دونَ إغفالِ الألوانِ الساخنةِ ولكن بحذرٍ ، ويُعدُّ ذلك تيمةً في لوحاتِ “خالد هنو ” إذْ نجدُه دائماً يميلُ إلى فصلِ الشتاءِ في سكندرياتِه ، وكأنَّه العاشقُ الذي ينتظرُ معشوقتَه حتى ينفضُّ من حولِها المعجبين ؛ لينفردَ بها ؛ يبثُها مخزونِه العاطفي مستخدماً الألوانَ الباردةَ دونَ إغفالٍ منه للألوانِ الساخنةِ والتي يستخدمُها بحذرٍ ؛ لخدمةِ الفكرةِ الرئيسةِ للمعرضِ ، ومن يتتبعْ الحركةَ الفنيةَ للفنانِ يجدْ فيضاً من الإبداعِ تجاه معشوقتِه الإسكندريةِ … في سكندرياتِ ” خالد هنو” ، والتي تناول فيها معالمَ الثغرِ البارزةَ إبداعٌ تشكيلي ذو طابعٍ تأثيري واضحٍ ومن أمثلةِ ذلك ( ترام المدينة – محطة الرمل – المنتزه – الأنفوشي – عامود السواري – ميدان الخرطوم – حديقة نوبار – كوبري استانلي – مظاهر الحياة السكندرية الشعبية والصيد والصيادين … إلخ ) وكلُ ذلك ينطقُ بمدى عشقِ “هنو” لمدينتِه لا سيَّما فصلُ الشتاءِ السكندري ، ومن خلالِ لوحاتِ الفنانِ السكندري “خالد هنو ” نلحظُ تطبيقَ الطلاءِ بلمساتٍ ذاتِ لونٍ تأثيري ؛ لالتقاطِ انطباعٍ خاصٍ بالألوانِ والضوءِ ، فكانت النتيجةُ التأكيدَ على تصورِ الفنانِ للموضوعِ بقدرِ ما هو الموضوعُ ذاتُه ، لذلك نستطيعُ أن نقولَ أنَّ ” هنو ” ينتمي في لوحاتِه عامةً وفي سكندرياتِه خاصةً إلى المدرسةِ التأثيريةِ ، فكما نعلمُ أنَّ للفنِ اتجاهاتٍ ومدارسَ ، اتجاهٌ تعبيرى واتجاهٌ تجريدي وظهر بينهما مدارسُ تعملُ بينَ الاتجاهين .

أما ونحن بصددِ الحديثِ عن الفنانِ التشكيلي ” خالد هنو ” كان لزاماً تناولُ مدرستِه الفنيةِ – المدرسة التأثيرية – توضيحاً لما بدأناه نؤكدُ على تكنيك ” هنو ” في لوحاتِه حيث أنَّه رسم الناسَ يفعلون الأشياءَ اليوميةَ ، فأحبَّ إظهارَ تأثيرِ الضوءِ ، فنجدُه مهتمًا برصدِ مظاهرِ الجوِ مستخدماً تقنيتَه الخاصةَ به مما يعطي اللوحةَ إحساساً أكبرَ بالحيويةِ عندَ رؤيتِها من مسافةِ بعيدةٍ ، لقد صور ” خالد هنو ” الحياةَ اليوميةَ بصدقٍ وأمانةٍ ، في سكندرياتِه ، والتي ترصدُ حركةَ الحياةَ السكندريةَ ، يختارُ موضوعَه من الحياةِ اليوميةِ ، فينفذُ بذلك إلى حياةِ الجماهيرِ، ويجعلُ من عملِه الفني على الإجمالِ وسيلةَ اتصالٍ بالجماهيرِ ، ويُعتبرُ الفنانُ التشكيلي ” خالد هنو ” من أهمّ أعلامِ الفنانين التشكيليين في مصرَ فقد صور في لوحاتِه ما يعكسُ الواقعَ المصري و السكندري ، ومن أشهرِها لوحةُ ( حلقة الأسماك ألوان زيتية على توال بتاريخ 2019 ) ، و ( محطة مصر ألوان زيتية على توال 2012 ) ويُشاهدُ بها مجموعةٌ من الأشخاصِ ، ولوحة ( محطة الرمل ألوان زيتية على خشب بتاريخ 2012 ) فالصورة تعكسُ إبداعاً صادقاً عند الفنانِ التشكيلي (خالد هنو) ،والجديرُ بالذكرِ أنَّ الفنانَ سكندري المولدِ ، قد بزغ نجمُه مطلعَ التسعينياتِ من القرنِ العشرين ، ومن لوحاتِه ( قلعة قايتباي ألوان زيتية على توال بتاريخ 1998 ) ، وقد أمتاز أسلوبُه بتوزيعِ الإضاءةِ في اللوحةِ ، ومن لوحاتِه ( شاطئ المنتزه ألوان زيتية على خشب بتاريخ 2020 ) ويُشاهدُ بها تيمةَ ” هنو ” الغالبةَ فصلَ الشتاءِ السكندري ، فنجدُ أزرقَ الشتاءِ المتمثلِ في ماءِ البحرِ تغلبُ عليه الدرجاتُ القاتمةُ ، كذلك ضوءُ الشمسِ في الشتاءِ تكسره السحبُ ، وألوانُ الطيفِ وغلبةُ الألوانِ الباردةِ دونَ إغفالِ الألوانِ الساخنةِ مع الحذرِ .

نجملُ القولَ أنَّ الفنانَ التشكيلي “خالد هنو” علامةٌ بارزةٌ في الفنِ التشكيلي ، ونجماً يزدادُ ألقُه وبهاؤه مع كلِ لوحةٍ جديدةٍ ، وفي كلِ معرضٍ من معارضِه المحليةِ و الدولية ِ . 

من كتابي ” قراءات .. إبحار في قراءات نقدية “

بقلم #سمير_لوبه

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى