المقالات والسياسه والادب

مهاوي سؤود الممكن وتبرير المستحيل بالممر الثامن والعشرين 

مهاوي سؤود الممكن وتبرير المستحيل بالممر الثامن والعشرين 

 

بقلم / محمد جابر   كاتب صحفي

أزمة ثقة وتحكم المال السياسي ومعاناة الديمقراطية في هذا الممر تحول العمل السياسي إلى ساحة للمال والنفوذ لا للمبادئ والأفكار تتآكل المسافة بين المواطن وصوته ويغدو البرلمان واجهة لا تمثل سوى من يملك أدوات السيطرة على اللعبة الانتخابية تتكرر الخطابات فيما يختنق الأمل بالممرات حيث لا يسمع صوت الفقراء ولا يرى أثر الحلم في زحام الصفقات وان حدث تماهت أعينهم عن الحق 

 

ماذا يخفي هذا الممر فهدوؤه كان محملا بشيء من الترقب كأن شيئا على وشك أن يحدث هنا تطرح أسئلة ولا توجد اجابات حقيقية فبعضها قادم من وجع قديم وبعضها ولد الآن تحت وطأة المال السياسي لا يعرف للحلال طريقا

 

في أول الممر كان مقهى خبيني فاسمه كاف لوصفه مقهى متهالك وهمسات تدور كأنها من بقايا الألم أو ما تبقى من وجعهم صوت الأنين يطن في أذني وحوار لم يكتمل لا أملك التفاصيل الكاملة غير أنه حديث بين تبرير المستحيل ومراوغة فن الممكن

 

جلست إلى طاولة جمعت رجال وامرأة بدا أنهم لا يعرفون بعضهم لكن الممر جمعهم على سؤال واحد

 

سأل الأول هل سيكون البرلمان القادم حقا صوت الشعب أم أننا بصدد إعادة تدوير نفس الوجوه تحت مسميات جديدة

 

رد عليه الثاني البرلمان البرلمان أصبح مثل شركة مساهمة من يدفع أكثر يربح أكثر وأنت خارج اللعبة أو بالأرجح الدمية

 

قالت المرأة زمان كنا نعرف المرشحين نعرف أباهم وجدهم الآن لا نعرف إلا إعلانهم وراعيهم وشركاء حملتهم أصواتنا تشترى وأحلامنا تباع

 

اقترب مني أحد الأصدقاءوكان يتابع ما يدور موجها الحديث وقال نملك الناس لكنهم بحاجة إلى من يثقون به لا إلى من يشتري صمتهم

 

ساد الصمت للحظات ثم تفوهت ملتفتا إليهم

قائلا مستقبل الديمقراطية مرهون بأمرين كبح المال السياسي وتفعيل الرقابة على الانتخابات وإلا فلا تنتظروا برلمانا بل قاعة لإعادة توزيع المصالح

 

وهنا قاطعني رجل يجلس خارج المقهى يسترق السمع موجها تلك الكلمات الرقابة أي رقابة إنهم يضعونها كديكور مثل الحراس في فيلم يبتسمون للكاميرا ولا يمنعون اللص من الدخول

 

قالت المرأة بنبرة أكثر حدة والأحزاب أين هم لا نراهم إلا في المؤتمرات الصحفية أو أمام الكاميرات في الشارع لا شيء فارغون إلا من بيانات الإنكار والتأييد

 

في أرجاء الممر استمر الهمس يتحول إلى صراخ ثم يعود همسا وحديث عن أحزاب من ورق وإعلانات بملايين الجنيهات وقوائم مغلقة تم توزيعها قبل أن يفتح باب الترشح وأنت تسير تسمع الكلمات نفسها تتكرر هل السياسة فن الممكن أم تبرير المستحيل هل المال السياسي رشوة مقنعة أم ممارسة مشروعة هل يمكن أن تطهر العملية السياسية دون تطهير الوعي وإعادة بناء الهوية 

 

وعلى طرف الممر جلس رجل يرتدي جلبابا بسيطا قال بابتسامة ساخرة كل دورة يقولون لن نسمح بشراء الأصوات ثم يأتينا من يشتري الصوت وأجهزته

في نهاية الممر كان هناك باب خشبي صغير فوقه لافتة كتب عليها هنا كل شيء يباع وهناك من يشتري خرجت متجها الي الممر التاسع والعشرين

مقالات ذات صلة