منوعات

هل يتخلى الانسان عن انانية الطفولة؟

المهندس والكاتب عزام حدبا – معتمدا على عدة مصادر

يكون الانسان في طفولته انانيا ومنحازا لمن يشبهه او يمت اليه بصلة قرابة.. فهل يتخلى عن هذه الأنانية مع الوقت؟ من حيث المبدأ نعم.. نتخلى عنها ونصبح

اكثر تعاطفا مع الأغراب.. وهذا لا يعود فقط لنضوج تركيبتنا النفسية مع الوقت انما بسبب عوامل مساعدة اخرى:

1- الاعتماد على بعضنا البعض.

حينما تعتمد مصلحتنا الخاصة على مصالح الآخرين الخاصة نصبح أكثر تعاطفا معهم وخوفا على مصالحهم يصل ذلك إلى مستوى من العمق يجعل الأنظمة

الاقتصادية الحرة أكثر قدرة على دعم الشعور الأخلاقي تجاه الآخرين لأن اقتصاد السوق يفتح الباب لتعاونات مختلفة تعتمد فيها مصالحنا جميعا على بعضنا

البعض.

2- رفع الألفة.

وذلك عن طريق التلفزيون والصحافة والروايات والقصص، كلما أمكن لنا التعرف على مجموعات أخرى من البشر كانت هناك فرصة أفضل للألفة مع

هؤلاء، ما طوّر بدوره درجة من التسامح معهم وضمهم لساحة أفعالنا الأخلاقية، القصص تحديدا تضيف درجة واسعة من التعاطف إلينا نحن البشر، لأنها

لركز على أشخاص بعينهم. بمعنى أوضح: يمكن للناس اعتبار مئات الآلاف من القتلى في حرب معينة رقما إحصائيا، لكن رواية عن معاناة طفل واحد منهم

ستخلق الكثير من التعاطف، لأنها ترفع من تلك الألفة.

3- إعمال العقل.

تخيل انك في منزلك الآن وقرأت خبرا على وسائل التواصل الاجتماعي يقول إن هناك ألف شخص معرض للموت غدا صباحا، بسبب حرب شعواء ما في بلد

بعيد جدا عنك، وفي الثانية أنت في منزلك أيضا وجاءك خبر بأن الطبيب، لسبب ما، سيقطع إصبع الخنصر الخاص بك غدا، بالطبع سيكون وقع الحالة الثانية

أكثر قسوة عليك من الأولى، لكن هل يعني ذلك أنك قد تضحي بألف شخص من أجل إنقاذ إصبعك؟ بالطبع لا، لأن عقلك يمكن له أن يتجاوز المشاعر الخاصة

ويقيس الأمور بدرجة من الموضوعية.

 

التلاعب الاعلامي يهدد الحس الاخلاقي

 

مع ذلك ينبغي الحذر.. كما يستطيع الاعلان توجيهنا نحو التعاطف مع الآخر المختلف فهو يستطيع التلاعب بنا، يسلط الضوء على ما يريد وفق رؤيته السياسية

أو المذهبية أو المنفعة المادية. نتيجة لذلك ينتشر الكذب عبر وسائل الإعلام كافة في محاولة من كل طرف لإثبات جدارته. ونتيجة لذلك نفقد القدرة كبشر على

التعاطف مع الآخرين شيئا فشيئا لمجرد أنهم يختلفون عنّا في توجهاتهم السياسية أو الدينية، ومن ثم قد نقبل بأي سلوك غير أخلاقي تجاههم.

القصص : سيف ذو حدين

كان على سفينة التيتانيك 2230 شخصا 1500 منهم لقوا حتفهم .أغلب من شاهد فيلم غرق السفينة لم يشعر بأي نوع من التعاطف تجاه الذين غرقوا، بالرغم

من أن أغلبهم نساء وأطفال، بل كانت أمنية كل شخص شاهد هذا الفيلم، أن يعيش البطل والبطلة وأن ينجوا من الغرق!! ذلك لأن المخرج سلط الضوء على

البطل والبطلة فقط، وكأنهما الوحيدان على متن السفينة، وجعلك تحبهما وتتعاطف معهما بالرغم من كل عيوبهما الاخلاقية الخطيرة، وتتناسى في نفس الوقت

معاناة الأطفال والنساء الذين غرقوا.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى