عيون بتسأل أطفالنا في إشارات المرور لما المرض والبراءة يتحولوا أداة للتسول
يا ترى إنت فاتح شباك عربية في إشارة مرور وشوفت طفل صغير ماسك كارتون، وشكله تعبان، أو حتى طفل مريض، وقلبك اتقطع؟ ده مش مشهد بسيط ولا حالة استثنائية — ورا كل طفل بيشتغل في الشارع حكاية استغلالية وعشر مشاكل متشابكة: فقر، تهريب، تجارة في عيال، أو حتى عصابات منظمة بتستغل الأطفال علشان تكسب.
الصورة اللي بتخلّي الواحد يقف
إشارات المرور بقت مش بس مكان لزحمة العربيات والشمّ، لأ — بقت مسرح يومي لأطفال صُغار واقفين تحت الشمس أو المطر، يرموا بعراهم على قلوب السائقين، يتلمّسوا عملات، يستجدو، وأحيانًا يبقى معاهم طفلة أو طفل مريض بمرض خطير — ولما الطفل يكون عنده سرطان أو مرض بيخلّيه هشّ، الألم بيتضاعف والأسئلة بتزيد: ازاي وصلنا للنقطة دي؟ مين ساعده؟ ومين بيستفيد من دموعه؟
الواقع على الأرض: استغلال بأشكال كتير
في ناس بتخلي الأطفال يشتغلوا في الإشارات طول اليوم، من غير تأمين صحي ولا تعليم ولا راحة.
في مجموعات بتنقل أطفال من محافظات بعيدة وتستخدمهم في التسول، وبعضها يفرض حصص يومية من الفلوس.
أسوأ صورة لما الطفل يكون مريض — البعض بيستغله عشان “يرتّب” علينا مشاعر الشفقة ويجيب فلوس أكتر، وده بيعكس درجة استغلالية أخلاقية وقانونية.
الأطفال المرضى — الحالة الأصعب
طفل عنده سرطان أو أي مرض مزمن مالوش مكان بين الوقوف في الإشارة ولا النداء بصوت ضعيف علشان يجيب فلوس. المرض هنا مش بس ألم جسدي، لكن كرامته بتتبدد، ورعايته بتتأخر، وتحوله أداة للربح بيخلّينا نسأل: فين أهل الطفل؟ ولمصلحة مين؟ ومين المسؤول عن حماية حقه في العلاج والتعليم والراحة؟
افتقار للحماية الاجتماعية: مش كل الأطفال ليهم وصول لمستشفيات أو مدارس أو بدل غذاء.
الجريمة المنظمة: في شبكات بتحول الأطفال لسلعة — تسول أو سرقة أو استغلال جنسي.
ثقافة الاستجابة: ساعات المجتمع نفسه بيعلّم الطفل إن التسول “مهنة” مربحة، لأن الناس بتدّيه فلوس بدل ما تبلغ أو تساعد بمخرج حقيقي.
القوانين؟ موجودة لكن التطبيق هو المشكلة
عندنا قانون طفل من سنين (قانون رقم 12 لسنة 1996 والتعديل اللاحق) اللى بيحمي حقوق الطفل وبيحدد واجب الدولة في رعايته وحمايته، وكمان مصر طرف في اتفاقيات دولية لحماية حقوق الطفل. لكن الفرق بين القانون المكتوب على الورق وبين الواقع كبير — التنفيذ، الرقابة، والآليات الحامية ناقصة أو مش فعّالة بما فيه الكفاية.
المنظمات الدولية والمحلية بتشير إن مظاهر عمل الأطفال، والاتجار والاستغلال موجودة ومحتاجة تدخل حكومي ومجتمعي سريع. وكمان توصيات الجهات الدولية بتطالب بتعزيز أنظمة الحماية الاجتماعية، ومتابعة حالات الأطفال المحرومين.
تقارير دولية بتنوّه إن في أشكال من عمل الأطفال بتقع تحت خانة “الأسوأ” زي التسول القصر أو الاستغلال، وإن ده محتاج تعامل متكامل بين شرطة، نيابة، اجتماعيين، وصحة.
دور الدولة: مش بس قوانين، لكن برامج وتطبيق
تحريك آليات الحماية: مراكز إيواء مؤهلة، فرق بحث اجتماعي، خط ساخن خاص بحالات استغلال الأطفال.
حملات توعوية: علشان الناس تبطل ترمي الفلوس في الإشارات وتتعلم تبلغ أو تتبرع لمراكز رسمية.
فرض عقوبات على المتاجرين بالأطفال: وتشديد الرقابة على ممارسات الجمعيات أو الأفراد اللي بتستغل الأطفال.
تأمين صحي وتعليمي للأطفال المهددين: خصوصًا المرضى منهم.
التعاون مع منظمات المجتمع المدني والدولية علشان يبقى في شبكة إحالة متكاملة: إنقاذ — علاج — إعادة تأهيل — دمج في مدرسة أو ورشة عمل مناسبة للعمر.
دور المجتمع: إحنا مش بس شهود
ما تدِّيش فلوس في الإشارات — الفلوس بتستمر في تغذية الدائرة دي. بدل كده: بلغ الجهات المسؤولة أو اتبرع لمؤسسة موثوقة.
التبليغ — لو شفت طفل ظاهر عليه استغلال، بلغ الشرطة أو حماية الطفل أو مؤسسة مجتمع مدني.
التطوع والدعم — تقدر تساعد بمبادرات تعليمية، صحية، أو نفسية للأطفال المحرومين.
كسر الثقافة — نشر الوعي بين الجيران والأصحاب إن التسول استغلال، ومفيش مصلحة إن الفلوس تروح للي بيستغلوا الأطفال.
حملة لازم تتعمل — شكلها يكون إزاي؟
إحنا محتاجين حملة وطنية متكاملة اسمها مثلاً: “حقهم في الطفولة”، وتتضمن:
1. فحص ميداني: فرق تصل للإشارات وتوثّق الحالات وتحوّلها للجهات المختصة.
2. حملة إعلامية ذكية: فيديوهات قصيرة بتوضح مخاطر التسول والاستغلال وطريقة التبليغ.
3. خط ساخن ومرجع إلكتروني: بلاغ سريع يُتابَع من قبل فريق متعدد التخصصات.
4. مراكز إيواء مؤقتة: بدل ما يبقى الطفل في الإشارة، يتاخد فورًا لحماية صحية وقانونية.
5. برامج علاجية خاصة للأطفال المرضى: خصوصًا الحالات زي السرطان — تأمين علاج ومتابعة نفسية وأمكانية لإدخال الطفل في نظام التأمين أو العلاج المجاني.
6. إعادة تأهيل وتعليم: إدماج الأطفال في مدارس بديلة أو برامج تعليم مهني لو وصلوا سن يسمح بكده، مع رعاية نفسية للعيلة.
7. فرض عقوبات على المتاجرين: بلاغات نيابية وتحقيقات فعّالة.
خاتمة: مش بس نظرة أو عملة — دي حياة
إحنا قدام مشهد يومي ممكن يتغير بخطوات بسيطة: توعية، تطبيق قانوني فعّال، مراكز رعاية، وحملة منظّمة تحمي أطفالنا وترد لهم حقهم في الطفولة والكرامة. الطفل اللي واقف في الإشارة مش ممثل في فيلم — هو إنسان له حق في العلاج لو مريض، وله حق في التعليم، وله حق يعيش طفولته بعيد عن استغلال البالغين. لازم نوقف الاستغلال ده كلنا — الدولة، المجتمع، والإعلام — قبل ما يبقى الضمير أخطر ضائع.