القسم الديني

الإسلام له السبق الأول واليد الطولي في رفعة البشرية والإحساس بالإنسانية

بقلم د/ محمد بركات

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام علي المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:

فوالله لو لم يكرمني ربي بالإسلام ويتم نعمه به علي لفاتني الكثير، ولبحثت عن الإسلام أكثر فما أري الدنيا بأي قيمة بلا إسلام عزز من قيمة الإنسان ووجوده وحياته.

فالحمد لله علي نعمة الإسلام وكفى بها نعمة.

ارتقي الإسلام بالإنسان ارتقاء لا حد له ولا نهاية لوصفه فجعل له بعد عمر يقضيه في العمل والجهد إن كان موظفاً في الدولة أو في قطاع من القطاعات راحة له بعد عمر معين قضاه بكل جد واجتهاد ، وإن لم ينته عمره عند هذا الحد فعمله من حياته لمماته وهو خير لا ينقطع به فلو قامت القيامة وفي يده فسيلة صغيرة ليزرعها فهي خير يمتد به وله حتي بعد الحياة.

ولا يفهم من التقاعد التكاسل أو بمجرد وصول الإنسان للستين أو السبعين أنه انتهي دوره في الحياة كما قلت .

لا .. وعدد ما شئت من لا..

فالخبرة التي اكتسبها علي مدار سنوات عمره لا تقوم بمال فله أن يكون بيت خبرة ومصدر علم يرجع إليه في دقائق الأمور وعظيمها .

لكن لا نرهقه بأعمال لا يعملها إلا ابن عشرين أو ثلاثين عاما وقد ضعف جسده أو أصابته بعض الأمراض التي تستوجب له الراحة ولو جزءا من الوقت.

وإن كان هذا لا ينطبق علي من يجد في نفسه الصحة والقوة والسلامة النفسية والبدنية أن يتسفاد منه بشئ أكثر من غيره فلا بأس بذلك وهو أمر محمود له.

يقول الله تعالى: 

(وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ)

 [سورة الحجر ، الآية: 99].

، واليقين هو الموت، إذاً العبادة مستمرة حتى ولو كنتَ على فراش الموت.

والنبي المصطفي ﷺ بقي يعمل ويمارس جميع نشاطاته في الدعوة إلى الله وقتال المشركين ويعمل كقائد سياسي وعسكري ومرشد اجتماعي للأمة حتى لحق بالرفيق الأعلى، ولم يتوقف لحظة عن العمل، لأن الله تعالى أمرنا بالعمل فقال: (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) 

[سورة التوبة ، الآية: 105].

، أذاً فالعمل مستمر حتى لقاء الله عالم الغيب والشهادة.

أصدقك القول أنه ليس أول من سن التقاعد دول ألمانيا ، أو إيطاليا ، أو بريطانيا ، أو هولندا أو غيرها من الدول.

كلا.. 

إن أول من سن سنّة التقاعد هو :-

الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه : 

بينما كان يمر يوماً في سوق المدينة المنورة

 و رأي شيخا كبيرا يسأل الناس ويتسول طالبا المساعدة .

فاقترب منه الفاروق وسأله من أنت يا شيخ ؟ 

فقال الشيخ الكبير : 

أنا يهودي عجوز أسأل الناس الصدقة لأفي لكم بالجزية .

ولأنفق الباقي على عيالي .

فقال عمر متألماً: 

ما أنصفناك يا شيخ .

أخذنا منك الجزية شابا ثم ضيعناك شيخا.

فأمسك الخليفة عمر بيد ذلك اليهودي وأخذه إلى بيته وأطعمه مما يأكل ، وأرسل إلى خازن بیت المال وقال له : أفرض لهذا و أمثاله ما يغنيه و يغني عياله.

فخصص له راتبا شهريا يكفيه ويكفي عياله من بيت مال المسلمين و أوقف عنه الجزية إلى الأبد . 

وقد حوت ‏المصادر الإسلامية في ذلك الكثير : 

‏(كتاب أحكام أهل الذمة لابن قيم الجوزية)

‏(كتاب الأموال لأبي عبيد )

(وكتاب القاسم بن سلام ).

واعلم أنه ‏حين يحل العدل يحل الإنصاف ويبقي الجميع علي قاعدة لا خلاف عليها مفادها

العدل أساس الحكم.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى