أدب وثقافه

الدراسة اللغوية لألفاظ الشعر 

بقلم محمد الدليمي

الدراسة اللغوية تشمل جميع نصوص اللغة، فما أن نضجت الدراسة لديك، أرجعها للنص فهل استقام المعنى بعد التحصيل مع النص ، فإذا استقام كانت كذلك ؛ فالشريعة عبارة عن نصوص لغوية، ودراستها تكون لغوية لا سماعية ولا ما قيل فيها ، لأن ذلك سيسبب توقف نتاج اللغة ، وهذا ما يحصل في يومنا من عدم فهم النصوص الشرعية أو الأدبية ، وكل ما نفعله هو تنفيذ أوامر سماعية من دون فهم المراد من النص ، وأنوه هنا أنا لست ضد ما جاءنا سماعيا أو نقلا من الكتب ولكن الدراسة اللغوية تعطيك تجددا وإيمانا راسخا فضلا عن مواكبة التطور اللغوي الذي يتلافى تغيير المعاني أو موت الألفاظ وأحياء أخرى، فالدراسة اللغوية هي مواكبة اللغة في تطورها ونتاجها الأدبي والعلمي.

اللغة العربية ليست كاللغات البقية ؛ فهي النتاج الأدبي والعلمي ، بمعنى الأدبي : فهو النتاج النثر ، والشعر ؛ ومرعاة علم البلاعة وأقسامها : علم البيان ، وعلم البديع ، وعلم المعاني ، وكذلك علم النحو والصرف ، وكذلك علم اللغة .

ولابد من مراعاة التطور اللغوي من انتقال معاني الألفاظ أو استبدال معانيها أو موت وأحياء أخر، وهذا أكثر ما يصيبها ، إذ لم يكن القارئ له دراية بالتطور اللغوي فيصيب القارئ بالملل ومن ثم الضجر بسبب صعوبة فهم المراد من النص ، فكلنا يحب الشعر الجاهلي بعظمته ورونقه ؛ ولكننا نتوقف عند قراءة ألفاظ قد ماتت أو استبدل معناها ، أو ترك معنى القديم وألبست معنى حديث ، فكل ذلك سيقود المتلقي إلى ركاكة القراءة وبالتالي الضجر في التفكر أو الفهم للنص ؛ هنا في هذه النقطة نحن نعيشها كل يوم عند القراءة .

ومن العجيب للإنسان الأديب يبدأ بتداول تلك الألفاظ التي ماتت ، ويريد من المتلقي يمسك المعجم لفهم نصه الأدبي ، وأقول لهذا الأديب أيصح وضع ميت فيما بيننا ونقول قال كذا وأراد كذا ، منطقيا وعقليا لا يجوز ذلك ، لأن استخدام المعجم للمتلقي هو ضعف النص لا قوته . ولا يخلط الأمر مابين رقي الكاتب واسلوبه المتمكن الأمكن ، وما بين استخدام الألفاظ الميتة أو التي جرى عليها التغيير أثر التطور اللغوي .

والأمر الثاني لا يمكن أحياء لفظ بعد موته بل سيصيب النص بأرباك وضجر شديد ، ومثل هكذا نصوص تستخدم للمنتديات الثقافية المحصورة في ابداع الصورة من الألفاظ الميتة وأمثلتها كثيرة جدا ، ومنها قول النحوي عيسى بن عمر عندما سقط عن حماره قال : ( ما لكم تكَأْكأْتم علينا كتكأْكئكُم على ذِي جِنّة. افرَنقعُوا عني ) فهذه الألفاظ لم تستخدم في عصره ولا بالذي قبله والله أعلم وأجل وربما هذه الألفاظ حالها كحال الكثير من الألفاظ المنسية وبقت تتناقل في ثقافة الأدب العربي من دون استعمال لها .

لغتنا العظيمة لغة ثقافة وأدب ، استعمل بعض المهتمين هذا النوع من الغريب ،والوحشي ،والساقط ،ليبهر أقرانه من رواد الأدب بما يملكه من ثقافة عالية في اللغة .

مقتطفة لمدخل ألفاظ الشعر ، من كتابي ( بلاغة الشعر ) .

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى