المقالات والسياسه والادب
الزواج في الإسلام.. بين الشريعة والعُرف والقانون

في زمن تداخلت فيه المفاهيم، واختلطت فيه العلاقات الحلال بالحرام، بات من الضروري أن نُعيد التأكيد على مفهوم الزواج الشرعي في الإسلام، وشروطه، وأشكاله، وتفاصيله، بعيدًا عن التشويش أو التحايل أو التساهل الذي قد يُضيع الحقوق ويهدر الكرامة.
الزواج في جوهره: ميثاق لا علاقة عابرة
قال تعالى:
> “ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجًا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة”
[الروم: 21]
الزواج في الإسلام ليس علاقة جسدية، بل بناء مشترك لحياة قائمة على السكينة والرحمة. هو مسؤولية، وسكن، وطهارة، ومصيرٌ مشترك، لا مكان فيه للعبث أو التحايل.
أركان الزواج الصحيح
يكتمل الزواج شرعًا بوجود هذه الأركان:
1. الإيجاب والقبول: إعلان الرغبة الصريحة بالزواج من الطرفين.
2. الولي: وجود وليّ للمرأة شرط عند جمهور العلماء.
3. الشهود: لا يصح عقد الزواج دون شهود عدول.
4. المهر (الصداق): حق مالي واجب للمرأة.
5. الرضا التام: لا يجوز الإكراه في الزواج.
الزواج العرفي.. حلال أم حرام؟
الزواج العرفي ليس نوعًا واحدًا، بل له صور متعددة:
زواج عرفي مكتمل الشروط: ولي، شهود، مهر، لكن دون توثيق رسمي. حلال شرعًا لكنه مرفوض قانونيًا.
زواج عرفي سري بلا ولي ولا شهود: حرام شرعًا ويُشبه الزنا المقنع.
زواج للمتعة المؤقتة أو بنية الطلاق: محل خلاف، لكن جمهور العلماء يُحرّمه.
> الشرع لا يبيح علاقة سرية تنتهك الكرامة وتُقام في الظل.
زواج المتعة.. علاقة منتهية الصلاحية
زواج محدد بمدة مقابل أجر، كان مباحًا لفترة قصيرة في صدر الإسلام، ثم حرّمه النبي ﷺ إلى يوم القيامة، بحسب الأحاديث الصحيحة.
رغم أن المذهب الشيعي يجيزه، فإن جمهور الفقهاء يرونه باطلًا شرعًا ومخالفًا لمقاصد الزواج.
أسر النساء في الحروب.. بين الواقع والرحمة
الإسلام لم يُشرع السبي، بل تعامل مع واقعٍ عالمي كان قائمًا. وضع ضوابط صارمة:
لا إكراه جنسي.
لا بيع إذا أصبحت الأسيرة أم ولد.
عتقها من أعظم القربات.
ومع زوال نظام الرق عالميًا، لم يعد جائزًا شرعًا أو قانونًا العودة لمثل هذه الممارسات.
> ما فعلته الجماعات المتطرفة من سبي واغتصاب ليس من الإسلام في شيء.
التوثيق.. حماية لا بد منها
رغم أن التوثيق ليس شرطًا لصحة العقد شرعيًا، إلا أنه ضرورة قانونية وأخلاقية لحفظ الحقوق، ومنع النزاع، وتثبيت النسب، وحماية المرأة من الضياع.
في عصر يُعاد فيه تشكيل العلاقات تحت مسميات خادعة: “عرفي”، “متعة”، “فريند”، “مؤقت”، تبقى الشريعة صافية وواضحة، لا تُجامل ولا تُهادن:
> الزواج ميثاق شرعي، لا علاقة مستترة.
عقدٌ يُبنى على الوضوح والنية الطيبة، لا على الخداع أو التسلية أو الاستغلال.



