المقالات والسياسه والادب

فن الحوار مهارة تغير العلاقات وتحيي القلوب

بقلم د/إلهام حسنى

في عالمٍ مزدحمٍ بالصوت العالي والتسرع في الأحكام صار فن الحوار عملة نادرة ومهارة منسية رغم أنها أساس من أسس العلاقات الناجحة

الحوار ليس مجرد تبادل كلمات بل هو جسر يصل بين القلوب ووسيلة لفهم الآخر وإعادة بناء الثقة حين تهدم.

ما هو الحوار؟
الحوار هو نقاش هادئ بين طرفين أو أكثر يقوم على الاحترام المتبادل والرغبة في الفهم لا في الانتصار. هو مساحة نلتقي فيها وسط الطريق نستمع دون أن نقاطع نبدي رأينا دون أن نهين نجادل بالحسنى دون أن نجرح.
لماذا نحتاج إلى الحوار؟
لأننا ببساطة كائنات اجتماعية. نحتاج لفهم من حولنا ويحتاجون هم أيضًا لفهمنا. الحوار:
يقلل من سوء الفهم وسرعة الغضب.
يقرب وجهات النظر.
يعالج الخلافات قبل أن تتحول إلى قطيعة أو عداء.
يبني الثقة ويعزز الأمان بين الأفراد.
يتيح فرصًا للتعلم من تجارب الآخرين.
متى يفشل الحوار؟
يفشل الحوار عندما:
نبدأه بنية الهجوم أو الدفاع.
نقاطع الآخر باستمرار.
نركز على الرد أكثر من الفهم.
نستخدم ألفاظًا جارحة أو نبرة عدوانية.
نحكم على نوايا الآخر بدلاً من الاستماع لكلامه.
كلما افتقر الحوار إلى الاحترام تحول من أداة تواصل إلى ساحة معركة.
مهارات فن الحوار:
1. الإصغاء الحقيقي: أن تستمع بتركيز دون أن تجهز ردك أثناء كلام الآخر.
2. الهدوء في الطرح: فالصوت العالي لا يقنع . كلما كان صوتك أهدأ، وصلت كلماتك بصدق أكبر.
3. طرح الأسئلة بلطف: السؤال الجيد يفتح أبوابًا للفهم ويشعر الطرف الآخر بالاهتمام.
4. ضبط المشاعر: الحوار لا يدار بانفعال بل بعقل .
5. تجنب إصدار الأحكام: بدلًا من قول أنت دائمًا مخطئ جرب أن تقول أنا شايف الموقف من زاوية مختلفة.
6. التقدير قبل النقد: قبل أن تبدي رأيك قدر ما يمكن تقديره فهذا يلين القلوب ويهيئ النفوس لتقبل النصيحة.
الحوار في الأسرة… بداية السكينة
من أكثر البيئات احتياجًا للحوار هي الأسرة. كم من بيتٍ تفكك لأن أفراده لا يجيدون التحاور؟ كم من طفل فقد ثقته بوالديه لأنهم لا يسمعونه؟ كم من زوجة تحترق بصمت وكم من زوج يشعر بالغربة داخل بيته؟
الحوار داخل الأسرة يصنع أمانًا نفسيًا عظيمًا. حين يشعر الطفل أن أمه وأباه يسمعونه دون سخرية يتحدث بثقة. وحين يشعر الشريك أن الطرف الآخر لا يُقلل من مشاعره أو يستخف برأيه يتقرب بدلًا من أن يبتعد.
حوار مع النفس أولًا
قبل أن تتقن فن الحوار مع الناس تعلم أن تتحاور مع نفسك. راجع مواقفك و نواياك. اسأل نفسك: لماذا غضبت؟ لماذا ضايقني هذا الكلام؟ هل ما فعلته كان صح؟
الحوار الداخلي الصادق يهذب النفس ويعينك على
فهم ذاتك ومن يفهم نفسه يسهل عليه فهم الآخرين

(بنت الحلم الكبير)

مقالات ذات صلة