المقالات والسياسه والادبمنوعات

لما الاهتمام يبقى وجع مش حب

لما الاهتمام يبقى وجع مش حب

كتبت/ د/شيماء صبحي

في ناس فاكره إن المبالغة في الاهتمام بتزود الحب، وإن كل ما تحاوط اللي بتحبه أكتر، هو هيحس بيك أكتر، ويقرب منك أكتر… بس الحقيقة عكس كده تمامًا.

اللي بتحبه زيادة ممكن يشوف اهتمامك عبء… مش نعمة. يشوف وجودك دايم حوالينه ضغط، مش أمان.

ويا ما في ناس كانت نيتها طيبة، بتحب بصدق، بس خسرت اللي بتحبه عشان اهتمامها الزيادة.

الاهتمام الزايد بيخلّي اللي قدامك يحس إنك دايمًا متاح، وإنك مهما عمل هو ضامن وجودك، فـ يبدأ يقلّ في حضوره، في كلماته، وفي تقديره ليك.

بيبدأ ياخدك كأنك عادة مش قيمة… وجودك بيبقى شبه الهواء، موجود بس ما بقاش محسوس.

جرب تبعد شوية… مش عشان تلعب لعبة “الاختفاء”، لكن علشان تسترد توازنك.

اهتم بنفسك زيه، وخلي حبك يكون وعي مش اندفاع.

لما توازن بين اهتمامك بنفسك واهتمامك بيه، ساعتها بتتعلم تحب صح، مش تحب لحد ما تتوجع.

اللي بيحبك بجد مش هيزعل لما تهتم بنفسك، بالعكس… هيحترمك أكتر، وهيطمن إنك مش متعلق، لكن بتحبه باختيارك.

وده الفرق بين الحب الصحي، والحب المؤذي.

خليك دايمًا فاكر:

مش كل اهتمام بيوصل حب، ومش كل بعد بيقلل من قيمتك…

أحيانًا المسافة البسيطة هي اللي بتخلي التقدير يعيش، واللي بتحافظ بيها على قلبك من وجع المجانين بالحب.

التحليل النفسي:

المبالغة في الاهتمام مش دايمًا نابعة من حب ناضج… أوقات كتير بتطلع من احتياج داخلي، مش من مشاعر متزنة.

اللي بيبالغ في الاهتمام غالبًا عنده خوف من الفقد، أو إحساس بالنقص، أو تجربة قديمة خلّته دايمًا يسعى يثبت وجوده في حياة التانيين بأي طريقة.

وده بيخليه يدي أكتر من اللازم، يلاحظ كل تفصيلة، يسأل زيادة، يقلق لو الطرف التاني اتأخر في الرد، أو ما عبّرش عنه زي ما هو متوقع.

وهنا يبدأ الخلل النفسي يظهر…

الاهتمام يتحول من حب إلى سيطرة ناعمة، ومن مشاركة إلى مطاردة عاطفية.

الطرف التاني – من غير ما يقصد – بيحس بالضغط.

لأن المبالغة في الاهتمام بتخليه يحس إن عليه مسؤولية إنه يرد بنفس القدر، وإنه دايمًا تحت الملاحظة أو المحاسبة.

فيبدأ يبعد، يخف حضوره، أو حتى يبرّد مشاعره كطريقة دفاعية علشان يحمي نفسه من الضغط العاطفي ده.

اللي بيهتم زيادة بيتعب أكتر، لأنه دايمًا بيراقب النتائج، منتظر التقدير، منتظر المقابل.

ولو المقابل ما جاش، بيتكسر جواه إحساس “أنا مش كفاية”.

وده بيفتح باب لإدمان العطاء… العطاء اللي هدفه مش إسعاد التاني، لكن تهدئة الخوف الداخلي من الرفض أو الهجر.

الحب السليم لازم يقوم على توازن…

توازن بين الأخذ والعطاء، بين القرب والمساحة، بين الحضور والغياب.

اللي بيفهم نفسه كويس، ويعالج دوافعه، بيعرف إن الاهتمام مش مقياس حب، لكنه انعكاس لنضجك النفسي.

فكل ما تكون متصالح مع ذاتك، كل ما اهتمامك يكون أهدى، أعمق، وأجمل.

الخلاصة النفسية:

المبالغة في الاهتمام مش حب كبير، هي خوف كبير.

ولما تتعالج من خوفك، هتعرف تحب براحة، مش بتوتر…

وهتكتشف إن أجمل حب هو اللي بيخليك مطمّن، مش مستنزف.

الخلاصة:

اهتم، بس بذكاء… وحب، بس بوعي… ومتوجعش نفسك باسم العطاء.

مقالات ذات صلة