المقالات والسياسه والادب

يوم المرأة العالمي.. تاريخ من النضال والمكتسبات بقلم مستشار محمود السنكري

بقلم: مستشار محمود السنكري

يُحتفل بيوم المرأة العالمي في الثامن من مارس كل عام، وهو مناسبة عالمية لتكريم إنجازات النساء الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية، وتسليط الضوء على التحديات المستمرة التي تواجهها النساء حول العالم.

تعود جذور هذا اليوم إلى بدايات القرن العشرين، عندما خرجت النساء في الولايات المتحدة وأوروبا في مسيرات حاشدة للمطالبة بحقوقهن في العمل والاقتراع والمساواة. لم يكن هذا اليوم مجرد احتفال عابر، بل ثمرة نضالات شاقة خاضتها النساء ضد القمع والتهميش، ولا يزال يمثل دعوة ملحّة لتحقيق المساواة الحقيقية بين الجنسين.

بدأت قصة هذا اليوم في 28 فبراير 1909، عندما نظمت “الحزب الاشتراكي الأمريكي” أول يوم للمرأة في نيويورك تكريماً لإضرابات عاملات النسيج اللاتي طالبن بتحسين ظروف العمل والأجور. في عام 1910، اقترحت الناشطة الألمانية كلارا زيتكين في المؤتمر الدولي للنساء العاملات في كوبنهاغن تخصيص يوم عالمي للمرأة، وحظي هذا المقترح بدعم كبير. منذ ذلك الحين، أصبح يوم المرأة العالمي رمزاً عالمياً للتضامن النسائي والنضال من أجل الحقوق.

في عام 1977، اعترفت الأمم المتحدة رسمياً بهذا اليوم ودعت الدول الأعضاء إلى الاحتفال به وفقاً للسياق الوطني والمحلي، مسلطة الضوء على حقوق المرأة والسلام والتنمية.

خلال العقود الماضية، حققت النساء مكاسب هائلة على مختلف الأصعدة:

منها المشاركة السياسية، فقد شهد العالم زيادة ملحوظة في مشاركة النساء في الحياة السياسية، سواء من خلال الترشح للانتخابات أو تولي مناصب قيادية. بلغت نسبة النساء في البرلمانات العالمية حوالي 26% في عام 2023، وهي زيادة واضحة عن العقود الماضية، ولكنها لا تزال بعيدة عن تحقيق المساواة الكاملة.

وأيضاً مجال التعليم والعمل، فقد ارتفعت معدلات التحاق الفتيات بالتعليم على مستوى العالم، وتقدمت النساء بشكل ملحوظ في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات. مع ذلك، ما زالت الفجوة في الأجور بين الجنسين قائمة، حيث تكسب النساء في المتوسط حوالي 77% مما يكسبه الرجال في نفس الوظائف.

وهناك الحقوق القانونية، حيث أقرت معظم الدول تشريعات تحمي حقوق المرأة وتجرم العنف القائم على النوع الاجتماعي. ورغم هذه التشريعات، تُظهر الإحصائيات أن 1 من كل 3 نساء تتعرض للعنف الجسدي أو الجنسي خلال حياتها.

ـ رغم التقدم المحرز، تواجه النساء تحديات كبيرة ومعوقات كثيرة منها:

منها العنف الأسري والتحرش، حتى الآن لا يزال العنف ضد النساء قضية ملحة في العديد من الدول، مع ضعف آليات الحماية والدعم القانوني.

وأيضاً التمثيل الناقص في مجالات السياسة والاقتصاد وصنع القرار، فما زالت النساء ممثلات بشكل ناقص، ما يعيق تحقيق السياسات التي تعزز المساواة.

وما لا نتجاهله الفقر والأمية، فالنساء يشكلن غالبية الفقراء والأميين في العالم، خصوصاً في المناطق الريفية والدول النامية، ما يعمق الفجوات الاقتصادية والاجتماعية.

ـ عندما نتطرق لوضع المرأة في العالم العربي تختلف أوضاع المرأة في العالم العربي بين دولة وأخرى، حيث حققت بعض الدول تقدماً ملحوظاً في تمكين المرأة سياسياً واقتصادياً، بينما تعاني أخرى من قيود شديدة. التحديات الكبرى التي تواجهها المرأة العربية تتلخص في العنف الأسري، الزواج المبكر، وقيود العمل والمشاركة السياسية.

ومع ذلك، شهدت السنوات الأخيرة بروز حركات نسوية وحقوقية في العالم العربي، نجحت في تحقيق مكاسب قانونية مثل تجريم العنف الأسري، وتعزيز حقوق الطلاق والميراث.

فقد أحدثت التكنولوجيا ثورة في حياة النساء، حيث وفرت فرصاً جديدة للعمل والتعليم والتواصل. ساهمت وسائل التواصل الاجتماعي في تضخيم صوت الحركات النسوية وكشف مظاهر الظلم والتحرش. كما أن التحول نحو الاقتصاد الرقمي يتيح للنساء فرصاً كبيرة في ريادة الأعمال والعمل عن بعد، ما يعزز استقلاليتهن الاقتصادية.

ـ لتحقيق أهداف المساواة بين الجنسين، يجب العمل على عدة محاور:

تمكين المرأة اقتصادياً من خلال دعم ريادة الأعمال النسائية وتوفير فرص متساوية في العمل والأجور.

والتعليم الشامل فيجب التركيز على تعليم الفتيات، خاصة في المناطق الريفية والمهمشة، وضمان استمرارية التعليم العالي لهن.

وأيضاً تعزيز القوانين ويتأتى ذلك من خلال ٠تطبيق القوانين التي تحمي المرأة من العنف والتمييز بشكل صارم، مع رفع الوعي المجتمعي بهذه الحقوق.

ولابد من تمثيل سياسي أكبر ويكون بفرض حصص إلزامية لتمثيل النساء في البرلمانات والمجالس المحلية.

وختاماً .. لا يمثل يوم المرأة العالمي مناسبة للاحتفال فقط، بل هو تذكير بأهمية الاستمرار في النضال لتحقيق المساواة الحقيقية بين الجنسين، إنه فرصة لتقييم التقدم المحرز وتحديد الأولويات المستقبلية، لأن تمكين المرأة ليس مجرد مطلب حقوقي، بل شرط أساسي لتحقيق التنمية المستدامة والسلام الاجتماعي.

مقالات ذات صلة