حوادث

صرخة من مدرسة الإسكندرية: حينما يُغتال الأمان على يد المعلم

صرخة من مدرسة الإسكندرية: حينما يُغتال الأمان على يد المعلم

بقلم: محمود سعيد برغش

في مشهد صادم يُعيد إلى الواجهة سؤال الأمان داخل المؤسسات التعليمية، أصدرت نيابة الرمل أول بمحافظة الإسكندرية، يوم السبت الموافق 3 مايو 2025، قرارًا بحبس مدرس يُدعى “ع.م.ع” لمدة أربعة أيام على ذمة التحقيقات، بعد ورود بلاغات من أولياء أمور تتهمه بالتحرش بثلاث طالبات داخل مدرسة ابتدائية.

 

النيابة أمرت بسرعة إجراء تحريات المباحث، وسماع أقوال الشهود والطالبات، في وقتٍ يتعالى فيه صوت المجتمع المطالب بمحاسبة رادعة لمن تسوّل له نفسه انتهاك براءة الأطفال.

 

التحرش جريمة قانونية مكتملة الأركان

 

بحسب المادة (306 مكرر “أ”) من قانون العقوبات المصري، يُعد التحرش جريمة جنائية يُعاقب مرتكبها بالحبس والغرامة. وتزداد العقوبة بموجب المادة (306 مكرر “ب”) إذا وقع الفعل من شخص له سلطة وظيفية أو دراسية، كما هو الحال في واقعة مدرس الإسكندرية.

 

هذا التشديد في القانون يعكس خطورة أن يُستغل النفوذ التعليمي في انتهاك الطفولة، ويؤكد أن القضاء المصري يقف بالمرصاد لمثل هذه الأفعال المشينة.

 

 

الشرع يحرّم والجريمة تخرج من دائرة الإيمان

 

يؤكد الشرع الإسلامي أن التعدي على الفتيات فعل محرم تحريماً قاطعاً، بل ويعد من كبائر الذنوب. قال الله تعالى:

 

“قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ”

(سورة النور، الآية 30)

 

وقال النبي محمد صلى الله عليه وسلم:

“من لا يَرحم لا يُرحم” (رواه البخاري)،

“إن الله ليُبغض الفاحش البذيء” (رواه الترمذي).

 

ويضيف العلماء أن هذا النوع من الجرائم هو من أفعال المنافقين، ويناقض صفات المؤمن، ويُعد عدوانًا على المجتمع بأسره، وخرقًا لقدسية التعليم وأمان الطفولة.

فتوى دار الإفتاء المصرية

 

أكدت دار الإفتاء المصرية في أكثر من مناسبة أن التحرش جريمة محرمة شرعًا ومجرَّمة قانونًا، وأن من يرتكبها لا يمتُّ إلى الأخلاق والدين بصلة. كما دعت إلى ضرورة الإبلاغ عن المتحرشين وعدم السكوت، حمايةً للضحايا وردعًا للجناة.

 

 

حماية المدارس مسؤولية وطنية

 

هذه الواقعة ليست الأولى، لكنها يجب أن تكون الأخيرة. المؤسسات التعليمية ليست فقط أماكن لتلقّي العلم، بل هي فضاءات مقدسة لزرع القيم وتربية النشء. وما حدث في مدرسة الإسكندرية يتطلب وقفة حاسمة من الجميع: الدولة، المجتمع، الأسرة، والمؤسسة التعليمية.

 

ينبغي فرض رقابة صارمة على المدارس، وتكثيف التوعية بين المعلمين والإداريين والطلاب، ووضع خطوط ساخنة للإبلاغ، وتطبيق بروتوكولات حماية الطفولة داخل المؤسسات التربوية.

 

 

خاتمة:

 

إن حبس هذا المدرس ليس نهاية القصة، بل بدايتها. فمعاقبة الجاني خطوة، لكن حماية الطفولة، وتربية النشء على الأخلاق، ووضع آليات رقابة داخل المؤسسات التعليمية، هو الطريق لضمان ألا تتكرر المأساة.

 

فهل نصحو قبل أن يفقد أطفالنا ما هو أثمن من العلم؟

صرخة من مدرسة الإسكندرية: حينما يُغتال الأمان على يد المعلم

مقالات ذات صلة