ذاكرة الموتى رغم الحياة

بقلم ملفينا ابومراد
الوحدة والإهمال بين كبار السن في المجتمع المعاصر
في المجتمع المعاصر… الذي تحول الى المجتمع العاصر، يعصر العائلة، فيبقى من الأب أو الأم شيئٌ من الحديث الطيب واللين، لكن أحيانًا، ربما عن قصد أو عن غير قصد، يبتعد المسن عن المحيطين به ، و الاصح هم يبتعدون عنه و منه ..
حتى في حالة بقاء الزوجين على قيد الحياة ، قد يظل الطرفان يعيشان الوحدة معًا، أو عن بعد، بالفراق، بالوفاة، أو بالطلاق .
كبير السن المتقاعد، المستقل ماليًا، الجائع عاطفيًا لأولاده وأحفاده، يكون في هوة سحيقة، بينما هم في قمة الأعالي .
من في الهوة ينظر إلى الأعالي وقد يرى ظلالهم، ومن في الأعالي ينظر إلى الأعلى، لا !! بل ينسى ما وراءه، أم يضمحل في الذاكرة؟
المسن
يلهي نفسه في الزراعة ليستفيد من إنتاجها لتمضية الوقت، أو في القراءة، أو بالتواصل مع من هم في سنه ، و حتى بالصلاة ، لينسى وضعه .
أما المرأة المسنة، فإذا كان نظرها يسمح لها بالرؤية رغم النظارات، قد تجد نفسها محصورة بين الجدران، بدل الدوران من بيت لبيت عند الجيران والأهل، فتلهو بالقراءة أو بأشغال الصنارة وما شابه ….
وضع المسن صعب… ينجب، يربي، يتعب، ثم يصبح منسيًا، حتى إن ُودع في دار للرعاية، أو ما يسمى “مأوى ” .
المجتمع العاصر هو الذي أنتج هذا الواقع
من نتائج المجتمع المعاصر: التغاضي ، ونسيان الأبناء لآبائهم، رغم وجود الأجهزة الذكية التي تتيح التواصل المباشر ، بالصوت والصورة بين البشر، لكن الصورة و الصورة لا يغنيان عن قبلة حنونة رائحة الجنة في عطر الابناء و الاحفاد .
ملفينا ابومراد
عضو اتحاد الكتاب اللبنانين
2025/8/30



